محافظة دير الزور خارج «التغطية»..؟!
المنطقة الشرقية في غالبيتها خارج التغطية أي خارج سيطرة الدولة، وتحت سيطرة المجموعات المسلحة، وخاصةً تكفيريي «داعش» و«جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» وغيرهم.. فدخلت المنطقة حالة «الفوضى»، من فقدان الأمان وعمليات القتل والخطف والسرقة للممتلكات العامة والخاصة والثروات الباطنية، وأهمها النفط والغاز مما أوجد أمراء حرب.
شهدت المنطقة الشرقية عموماً، تصعيداً كبيراً في ممارسة العنف سواء اتجاه المواطنين أو بين المجموعات المسلحة ذاتها، ناهيك عن الاشتباكات المستمرة والمتصاعدة مع الجيش العربي السوري.
دير الزور بين «التحرير» و«التطهير»
ارتفعت حدة المعارك مؤخراً داخل أحياء المدينة المسماة في أجزاء منها «محررة»، كـ«حي العمال والصناعة والموظفين والرشدية»، باسم استكمال التحرير عبر هجماتٍ مباشرة أو قصفٍ بالهاون والصواريخ المحلية الصنع، أو تفجير الأبنية من خلال التسلل إليها، من خلال أنفاقٍ أو بسياراتٍ مفخخة.
وحسب روايات الأهالي جرى قصف بالطيران والمدفعية طال الأحياء والمناطق الريفية القريبة كمدينة «موحسن» وبلدة «المريعية»، تتبعها هجمات لتطهيرها. وكذلك ازداد القصف على مطار دير الزور وعلى أطرافه بحجة «تحريره» ونجم عن ذلك عشرات القتلى من الطرفين، وكذلك من المدنيين.
وفي تطور لاحق أعلن عبر وسائل الإعلام عن تشكيل غرفة عمليات من قبل ما يسمى «المجلس العسكري» تضم عدداً من قادة المجموعات المسلحة، كما خُطف أحد المواطنين في «موحسن»، ووجد مقتولاً..
كما خطف مواطن داخل حي «الجورة» من قبل إحدى الجهات الرسمية وطلب من أسرته مبلغ 300 ألف فدية حسب روايات بعض المواطنين!؟
وفي جميع الأحوال الخسارة والمصائب تقع على رؤوس المواطنين، حيث أغلقت الطرقات والمعابر مجدداً كطريق دمشق- دير الزور في منطقتي «كباكب» و«الشولا»، ومعبر نهر الفرات قرب قرية «الجنينة»، وأصبحت مدينة دير الزور معزولةً ومقسمة، ومعزولة عن الريف.
صراع بين «داعش» و«النصرة»
من جهةٍ أخرى تعمقت الخلافات وازدادت الاشتباكات بين المجموعات التكفيرية بين «داعش» و«جبهة النصرة» ومن يناصرها، في إطار الصراع على الهيمنة وعلى مصادر النهب كآبار النفط والغاز، وانتقلت الاشتباكات من مدينة البوكمال إلى المناطق التي تقع بين محافظتي دير الزور والحسكة، كمدن وبلدات «البصيرة والصور وبريهة»، وتضاربت الأنباء حول عدد القتلى من الطرفين، ومن عرف منهم يقدر بالعشرات.. ونتج عن ذلك عمليات تهجير جديدة للمواطنين الأبرياء إلى المدينة، ورافق ذلك مآسٍ زادت من المواقف المعارضة للمسلحين، وتأييد الحل السياسي والخلاص من هذه المأساة.
البوكمال سوق للأسلحة والذخيرة!؟
نتيجة غياب سلطة الدولة وقوى المجتمع المؤثرة، طالت الفوضى كل المحافظة وامتدت لتصبح خلافاتٍ عشائرية رغم كل الجهود التي يبذلها الشرفاء، ومن أبرز مظاهرها استخدام السلاح والمتاجرة العلنية به، وأصبحت البوكمال سوقاً آخر للذخيرة والسلاح المهرب والمسروق والمورد من الدول التي تدعم الإرهاب، بعد المياذين المركز الأكبر، وتباع علناً وبأسعار عالية في وسط المدينة ودوار المصرية، وغالبية التجار مرتبطون بالمجموعات المسلحة وتحت حمايتها.
الطلاب وضياع فرصة الامتحانات
مع اقتراب موعد الامتحانات الجامعية وشهادتي الإعدادية والثانوية، يسود القلق والخوف لدى الطلاب وأسرهم، من ضياع فرصة تقديم الامتحانات، نتيجة إغلاق الطرقات ونتيجة تجربة السنة الماضية، حيث حرم الآلاف من تقديم امتحاناتهم بسبب منع المسلحين انتقالهم من الريف إلى المدينة، أو المجيء من المحافظات الأخرى.. ناهيك عن المعاناة المادية وعدم توفر السكن والغلاء، والأخطر الخوف من القتل أو الخطف أو الاعتقال التعسفي!
لا شكّ أن ما يحدث في دير الزور، والمنطقة عموماً هو ما يحدث في مناطق التوتر كافة وإن اختلفت النسب وارتفعت هنا أكثر.. وبات ذلك يتطلب موقفاً يرتقي إلى مستوى الأزمة الوطنية الشاملة باعتماد الحل السياسي كمخرجٍ وحيد للأزمة من قبل كل الشرفاء في الوطن.. وبات يتطلب على المستوى المحلي مبادرة من الشرفاء في محافظة دير الزور من فعاليات اجتماعية ومسؤولين لإيقاف هذه الفوضى وحقن دماء السوريين، ومواجهة التكفيريين للحفاظ على وحدة الوطن والشعب.