المشتقات النفطية.. السوريون في قبضة الأزمة!
تحول السائل النفطي بأنواعه؛ مازوت، بنزين، غاز التدفئة، إلى هاجس مقلق للعائلات السورية في كل المحافظات، ولاسيما بعد أن ارتفعت أسعار الوقود بشكل ملحوظ مؤخراً، فقفز سعر ليتر المازوت من 7 ليرات سورية إلى 25 ثم انخفض إلى 16 ليرتفع الى 20 ليرة، والآن بلغ سعره 23 ليرة، وكذلك سعر تنكة البنزين من 800 إلى 1000 ليرة، بينما لا يزال متوسط دخل الأسرة منخفضاً نسبياً في سورية، وتعيش أسر كثيرة دون خط الفقر، وفي خبر حديث العهد، بينت مديرية التجارة الداخلية في محافظة الحسكة أن «عدد محطات بيع المحروقات المخالفة منذ بداية الشهر الحالي بلغ (9) محطات، بعضها بسبب امتناعها عن بيع البنزين والمازوت والتوقف عن العمل دون سبب مشروع والبيع بسعر زائد وعدم مسك سجل خاص ببيانات المحطة»، يجري هذا في محافظة صغيرة نسبياً، فماذا عما يجري في باقي المحافظات؟.
ورد خبر نشره أحد المواقع الاليكترونية، يوضح أن الكثير من محطات البنزين تتلاعب بالعدادات بحيث تعبئ نظرياً 20 ليتراً ويظهر ذلك على شاشة المضخة في حين أنها عبأت 15 ليتراً فقط، أي إن المواطن يدفع 1000 ليرة سورية مقابل كمية سعرها 750 ليرة وبزيادة قدرها %25 عن سعرها المحدد من سادكوب، وهذه القضية لم تعد حالة نادرة بل إنها أضحت الآن حالة شائعة، ومن يبيع بالسعر النظامي من المحطات فأصبح هو الحالة الشاذة، وربما هناك سبب جدي لهذا التلاعب يدفع أصحاب المحطات للغش في هذا المجال، هو هزالة الربح المفروض من الجهات المسؤولة والبالغ %25 أي خمسة وعشرون بالألف، وهو مبلغ ضئيل فعلياً ولا يعتبر تعويضاً معقولاً وعادلاً نظراً للتكاليف الكبيرة التي تقع على عاتق أصحاب المحطات، ومن الضروري أن تعيد الجهات المسؤولة النظر بهذا الموضوع.
ولكن هنالك سؤال جدي نوجهه لمديريات التجارة الداخلية وهو: لماذا أنتم نائمون على التلاعب بالأسعار؟ ولماذا لا تقومون بدوركم المناط بكم وهو متابعة محطات الوقود ومنعها من التلاعب بالأسعار ومعاقبة كل من تسول له نفسه بالقيام بذلك منتهزاً للفرص الملائمة لهذا التلاعب؟ ولماذا لا تجري معاقبة أية محطة تمتنع عن بيع الوقود المتوفر لديها تحت أية تبريرات لديها؟.
على الرغم من أن مديريات التجارة الداخلية تتلقى يومياً المئات من الشكاوى التموينية في هذا المجال، فإن قلة عدد المراقبين تمنعهم عن تلبية بالحاجة الماسة لوجودهم، أما الموجودون فلا يقتصر عملهم على مراقبة محطات الوقود فقط، بل يتم من خلالهم مراقبة المواد الغذائية وأفران القطاعين العام والخاص، والغاز.. وبعضهم يتغاضى عن مخالفة المتلاعبين بعد أخذ المعلوم طبعاً، ويتساوى هنا في هذه القضية بيع البنزين ومازوت السيارات ومازوت التدفئة بطبيعة الحال!.
ثم هنالك مشكلة جديدة دخلت على خط هذه الأزمة تتمثل بقلة عدد الصهاريج التي تعمل على نقل الوقود، وهي القضية التي يجري تلافيها الآن بعد السماح باستيراد الصهاريج المستعملة. أما عن الغاز المنزلي الذي قفز سعر أسطوانته من 200 ليرة سورية تقريباً قبيل انفجار الأزمة في آذار العام الماضي، إلى 250 قبل أن يصل مع اشتداد الأزمة مؤخراً إلى 400 ليرة اسمياً، وإلى 1500 إلى 2000 ليرة سورية فعلياً، أضف إلى كل ذلك وقوع العديد من المتلاعبين بمصيدة الغش من خلال بيع الأسطوانات المهربة ودهنها باللون الأزرق لإيهام المواطن بأنها نظامية، بل تعداه إلى تعبئتها بالماء المخلوط بقليل من الغاز، وهناك العديد من المستودعات التي تحتوي على هذه الأسطوانات المهربة وغير النظامية والتي يجري غشها بالماء كما أسلفنا.
وعلى الرغم من أن المسؤولين يتحدثون ليلاً ونهاراً عن توفر المواد البترولية بكافة أنواعها، إلا أن المشكلة التي برزت إلى السطح تتمثل الآن بصعوبة إيصالها لكافة المحافظات بسبب المشاكل الأمنية وغياب الأمن في بعض من المحافظات المتوترة أمنياً، ويجري العمل بجد من أجل تذليل هذه المشكلة، ولكن في الوقت الذي يتحدث فيه حماة المستهلك عن قانون جديد يصب بمجمله في مصلحة المواطن، ما تزال النتيجة تتجلى بمزيد الغش والتلاعب وفقدان المحروقات وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق ولا يتلاءم مع دخول المواطنين ذوي الدخل المحدود إطلاقاً، وإذا استفحل الغلاء وارتفعت الأسعار وحلقت عالياً وأصبحت بعيدة عن تمكين المواطن السوري من تأمين متطلبات حياته اليومية فإن أزمة المواد البترولية جاءت لتزيد الطين بلة مما زاد في إفقار الجماهير، فهل من مغيث؟!.