فلتان حاد يصيب جميع الأسواق السورية
لا تزال قضية الأسعار وحرارتها، والارتفاعات الصاروخية التي أصابت معظم السلع، حديثَ الشارع لدى الشعب السوري في كل مكان، ولم تقم الحكومة بالبحث بشكل جدي عن الأسباب الحقيقية والحلول لهذه المشكلة.
نعم، لا يمر يوم لا نسمع فيه عن ارتفاع أصاب سعر هذه السلعة أو تلك، ولاسيما المواد الأساسية وما يخص السلة الغذائية للمواطن السوري، ولعل رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية الأساسية من الدولة، والانفتاح المتوحش وغير المخطط أدى إلى حدوث المزيد من التضخم الاقتصادي السوري.
من واجب وزارة التجارة والاقتصاد قراءة الأسواق ومراقبة تحرك السلع وضبط الأسعار بمتابعة جادة ويومية ورصد الكميات المتوفرة من السلع وحاجة السوق ومتطلباتها، ومن هنا يتم وضع التسعيرة المناسبة، فهل يحدث هذا في سورية؟!
إن ما يحصل في أسواقنا يخالف كل الأعراف والقوانين الاقتصادية، فالمراقبة غائبة دائماً إن لم نقل معدومة بشكل كلي، عن جميع أسواقنا، وجمعية حماية المستهلك لا دور لها في مراقبة شارع أو سوق واحد من أسواق دمشق، فكيف لها أن تحمي المواطن على مساحة الوطن بالكامل؟!
السوق رهن مزاج التجار الكبار، ويجب عند معالجة هذا ألا نقف عند زاوية الأسعار فقط وتحميل مسؤولية ارتفاعها لباعة المفرق وحدهم، فالمسألة الاقتصادية والحياة المعيشية اليومية للمواطن تتطلب دراسة موضوع الأجور بالكامل وربطها بالأسعار، وتحميل تاجر الجملة مسؤولية خلق الهوة الكبيرة بينهما، ولا نبالغ عندما نقول إن من يشجع التجار على القيام بهذه الأعمال هي الحكومة نفسها، فنحن لا نزال نتفاجأ كيف تصل الأسعار إلى مثل هذا الحد وتقف الدولة متفرجة دون حراك! فالأسعار تحلق عالياً ولا يوجد ضابط لها ولا رادع لجشع التجار، فكيف إذاً نفسر أن سعر كغ البندورة 50 ل.س والخيار 35 ل.س، البطاطا 35 ل.س، التفاح 50 ل.س، البرتقال 25 ل.س، والموز 60 ل.س، أما بالنسبة للمواد الغذائية الضرورية السكر 50 ل.س، الرز 60 ل.س، العدس 100 ل.س، البرغل 50 ل.س، أما المنظفات فعبوة سائل الجلي 35 ل.س عبوة سائل الغسيل 60 ل.س, واللحم له قصة أخرى فكيلوغرام لحم الضأن 800 ل.س والعجل 500 ل.س. هذه الأسعار لا تناسب حتماً الراتب الهزيل للمواطن السوري، وتدبير الأمور الحياتية اليومية شبه مستحيل.
وزارة الاقتصاد والتجارة يجب أن تقوم بدورها وتدرس بجدية أسباب ارتفاع الأسعار، ودور التجار والمستوردين والمصدرين في ذلك، والبحث عن أسباب ما يحدث في أسواقنا من احتكار وغش وسرقة وتلاعب حقيقي بالأسعار، التي لم تشهد سورية مثلها في كافة عهودها، وهي قاسية جداً على معظم أبناء شعبنا من أصحاب الدخل المحدود، في حين تتزايد ثروات القلة الأغنياء من الوحوش والحيتان المسيطرة على خيرات البلد، ولذلك يجب الرجوع إلى أصل المشكلة وهي ربط الأجور المحددة بالأسعار المشتعلة، ويجب إيجاد الحلول الجذرية للمشاكل الحقيقية المستعصية، واتِّباع سياسة حقيقية تهدف إلى حماية المستهلك من جميع أشكال الاحتكار والغش والسرقة التي يقوم بها التاجر، وذلك يتطلب جهوداً مضاعفة من قبل الجهات المعنية وخاصة مديرية حماية المستهلك، فالفلتان زاد عن الحد الطبيعي، والوضع أصبح فعلاً لا يطاق.