من جديد.. لقمة الشعب المنهوبة في قرية «رساس»

من جديد.. لقمة الشعب المنهوبة في قرية «رساس»

نشرت «قاسيون» في عددها رقم «637» تاريخ 19/1/2014 مقالاً تحت عنوان «لقمة الشعب المنهوبة في قرية رساس»، حيث نظّم أهالي وسكّان قرية رساس التابعة لمحافظة السويداء عريضة تطالب الجهات المعنية في المحافظة بالتخفيف من حجم معاناتهم اليومية، الناجمة عن نقص تأمين مادة الخبز بعد وصول أعداد كبيرة من مهجري المحافظات السورية واستقرارهم في أحياء القرية ومقر معسكر الطلائع التابع لها

مما شكل عامل ضغط إضافي على حياة الأهالي ومخصصاتهم من مادتي الطحين والمازوت، حيث يوجد في القرية فرن واحد يقوم بتأمين مادة الخبز لجميع سكان القرية، وخلال لقاءات «قاسيون» بأهالي القرية أكدّوا بدورهم قيام صاحب الفرن ببيع كميّات من مادتي الطحين والمازوت المخصصة للفرن في السوق السوداء، وقد تمّ تسجيل بحق صاحب الفرن ومالكه أكثر من ضبط تمويني يتعلق بالنقص في وزن ربطة الخبز.

المطالب المحقة والرقابة الشعبية

في حينه طالبت «قاسيون» الجهّات المعنية بضرورة التحرك بالسرعة القصوى لتحقيق مطالب أهالي قرية «رساس» المحقة والمشروعة في تأمين مادة الخبز، وضرورة الحد من ممارسات تجّار الأزمة في استغلال الظروف التي تمر بها البلاد لابتزاز الأهالي وإهانتهم في لقمة عيشهم، وبالفعل تحرّكت الجهات المعنية وتفاعلت مع مطالب الأهالي من خلال مراقبة سير عمل الفرن، وتناوب شباب القرية على تنفيذ رقابة شعبية على أداء الفرن إيماناً منهم بأن حل الأزمة يبدأ بإشراكهم في الدفاع عن مصالحهم، عبر المشاركة في اتخاذ القرارات وتنفيذها، والرقابة عليها بهدف محاصرة الحرامية وتجّار الأزمات، ونقل مركز السلطة في الشؤون التي تمس لقمة الناس إلى الناس أنفسهم.

لم يرق لهم واقع الحال..

اليوم وبعد مضي حوالي 3 شهور على هذه التجربة التي حققت لأهالي القرية الاكتفاء وسد النقص الحاصل في تأمين مادة الخبز، عادت حليمة لعادتها القديمة، إذ لم يرق الحال لتجّار الأزمات والحرامية الجدد الذين أرادوا تعويض خسائرهم بسبب توقف نهبهم بفعل الرقابة الشعبية، فعمدوا إلى بيع الطحين المخصص للفرن إلى عصابات ومليشيات الفساد، والتربّح والارتزاق من دم ولقمة الفقراء السوريين في محافظتي السويداء ودرعا.
فقامت الجهات المعنية بضبط 4 أطنان من مادة الطحين المدعوم كانت معدّة للبيع لدى صاحب الفرن، وتم اعتقاله وإغلاق الفرن وتشميعه، لكن وبعد يومين فقط عاد صاحب الفرن إلى منزله وكأن شيئاً لم يكن، وبقي الفرن مغلقاً أمام أهالي القرية الذين تضاعفت معاناتهم اليومية بسبب اضطرارهم لسد حاجتهم من مادة الخبز من أفران مدينة السويداء والقرى المجاورة، الأمر الذي شكّل أعباء إضافية على دخولهم ورواتبهم الهزيلة في ظل فلتان الأسعار والأسواق بفعل الأزمة وتداعياتها الإنسانية الكارثية.

ضرب مواطن النهب ورموزه

ومما يضاعف حجم المعاناة أن معتمد الخبز الموكّل بتأمين حاجة القرية يقوم ببيع كميّات لا تكفي لسد نصف حاجة أهالي القرية وبسعر 20 ليرة سورية، ناهيك عن نوعية الخبز الرديئة التي عبّر عنها أهالي القرية: «خبز ما بياكلو الجاج..!».
«قاسيون» تضم صوتها إلى أصوات أهالي قرية «رساس» في مطالبهم المحقة والمشروعة، وتطالب الجهات المعنية التي قامت بدورها المناط بها في الحد من ممارسات تجّار الأزمات، بضرورة إتمام مهامها والتحرك سريعاً لتأمين حل سريع لمعاناة أهالي القرية في تأمين مادة الخبز لقمة عيشهم، إذ إن محاربة الفساد تتطلب ضرب مواطن النهب ورموزه من جهة، وإيجاد البدائل الحقيقية والفعّالة من جهة أخرى لسد الحاجات الأساسية للناس.