شارع «الثورة» عورة خدمات دمشق.. طرقات وأرصفة «مهترئة» وأعمال الصيانة «بشروط»!
يبدو للسائر في شوارع دمشق العريضة أو أزقتها الضيقة، «تناقض طبقي واضح» بحسب ما وصفه البعض، حيث من الممكن أن تجد اوتوستراداً هاماً مليئاً بالحفر مثل «اوتوستراد المزة»، أو نفقاً صرفت عليه ملايين الليرات سابقاً كنفق «ساحة الأمويين»، قد تكسرت جدرانه وانحنت قضبانه وبعض مصابيح إنارته قد تعطلت دون اهتمام ومنذ زمن، في حين قد تجد قطعة صغيرة من حي في المزة قد تعبدت وسويت أرصفتها أكثر من مرة كما منطقة المزة «فيلات غربية»
مواطنون اشتكوا لصحيفة «قاسيون» من عدة مشاكل تواجههم يومياً في شوارع دمشق وأحيائها، على الرغم من رصد المليارات من محافظة دمشق لأعمال الصيانة والمشاريع، وبحسب «بشر»، طالب جامعي في كلية الطب، فإن «برك المياه كانت أبرز ملامح اتوستراد المزة هذا العام وخاصة بالقرب من كلية الآداب، فبعد هطول الأمطار كانت المياه تتجمع مشكلة بركاً كبيرة على الأطراف ما يثبت سوء التصميم الهندسي وسوء العناية من قبل محافظة دمشق لعدم وضع مسارب مياه أو حفر خاصة بتصريف بمياه الأمطار».
شارع الثورة و«المصائب»
وبدوره قال «أمجد»، موظف لدى إحدى الجهات العامة، إن «ذهابي إلى عملي وخاصة في الأيام الماطرة، كان يتطلب مني القفز فوق برك المياه المتجمعة في شارع الثورة، وعدا عن ذلك، فإنني مضطر للمرور من سوق الخضار بتلك المنطقة للوصول إلى الشارع العام، وهناك يمكن رؤية المصائب، فالأوساخ بكل مكان والأرض مليئة بالحفر وكأنها لم تعبد منذ سنوات، والمنطقة هناك عبارة عن مستنقع للمياه، علماً أن هذا الشارع يعتبر عصب المدينة».
وتابع «شارع الثورة هو عورة محافظة دمشق، رغم قربها جغرافياً من هذا الشارع، فبناء المحافظة يبعد حوالي 500 متر فقط عنه، ومع ذلك يمكن رؤية سياج المنصفات قد تكسر دون إصلاح، وأرضية جسور المشاة قد تضررت، والأرصفة مخلعة وخاصة في منطقة المرجة، والمواقف العامة قد تكسرت وتحول زجاجها إلى لوحات».
عشوائيات منسية منذ 15 عاماً
ومن جهته، قال «أحمد»، صاحب أحد المحلات في منطقة ركن الدين بدمشق- عشوائيات-، إن «وجودنا في منطقة عشوائية يعني تخلي محافظة دمشق عنا، فشوارعنا وأحياؤنا لم تعبد منذ أكثر من 15 عاماً، وطريق السرفيس المعتمد في المنطقة مليئ بالحفر الخطيرة لطبيعة المنطقة الجبلية، ومصابيح البلدية معطلة منذ سنوات، وفي كل عام نعاني من فيضان الصرف الصحي، وكل ذلك والمحافظة غائبة».
وتابع «عند حدوث أي طارء في الصرف الصحي على سبيل المثال، فإن أهالي الحي يجمعون المال لعمال البلدية كي يقوموا بالإصلاح، وعدا ذلك قد ننتظر لسنوات دون إصلاح العطل عن طريق الطلبات الرسمية».
أين «المليارات»؟
في منطقة «باب مصلى» و«باب شرقي»، ليس الوضع بالأفضل، حيث قال «أيمن»، موظف لدى إحدى الجهات العامة، إن «نفق باب شرقي تحول إلى مكب للنفايات، وقد تم إغلاقه منذ مدة لأسباب مجهولة، ولم تقم المحافظة بتأمين البديل ولا تعليل السبب" مشيراً إلى أن «الشوارع مليئة بالحفر أيضاً».
وأردف «لا أعلم أين تنفق المحافظة ملياراتها إذا كانت شوارع دمشق مليئة بالعيوب، ولا تصلح للسير بالسيارات في كثير من المناطق، وقد تكون مزعجة للسائر على قدميه خاصة أيام الشتاء».
شكاوى سكان دمشق طالت وكثرت وتمحورت جلها على عدم اهتمام المحافظة بعيوب الشوارع والأنفاق والجسور والإنارة والنظافة، والمرافق العامة كحمامات الحدائق.
«الصيانة» والتمييز الطبقي!
من جهة أخرى، انتقد مواطنون مشروع إعادة تأهيل طريق مطار دمشق الدولي بكلفة قد تصل إلى «178 مليون» ليرة سورية، رغم أنه يعتبر في منطقة ساخنة يشهد محيطها توترات بين الحين والآخر، عدا أن هذا الطريق لا يستخدم بكثافة الشوارع وسط المدينة، في حين أهملت المحافظة قلب المدينة الآمن نسبياً والذي تستخدم شوارعه من قبل المواطنين بكثافة يومية.
وقد وجد مواطنون، أن إهمال المحافظة لبعض الشوارع والمناطق، يقابله اهتمام بأماكن أخرى، مثل «المزة فيلات غربية وشرقية ومشروع دمر» وأماكن تعتبر خاصة للشريحة الميسورة وأصحاب النفوذ في المجتمع، وعند وجود أي عطل أو مشكلة تسارع جهات المحافظة لإصلاحه، ما اعتبره البعض «تمييزاً طبقياً»، وخاصة أن مناطق العشوائيات «شبه معدومة الاهتمام».
للطوارئ فقط..
مصدر في محافظة دمشق، أكد لـ«قاسيون» أن «المحافظة ألغت منذ عام 2010 خططها الخدمية، وبدأت تعتمد فقط على الطوارئ، والتي تحدد أعمال الصيانة بحسب الأفضلية وحجم الضرر»، ما وجد فيه بعض المواطنين باباً مفتوحاً لتمييز منطقة على أخرى.
وأردف «تصل إلى محافظة دمشق كشوف من لجان الأحياء ودوائر الخدمات، وقد تحمل هذه الكشوف عدة بنود لأمور تحتاج الصيانة، إلا أن خطة الطوارئ الموجودة حالياً قد تقضي بشطب بنود لمصلحة بنود أخرى في أماكن محددة، وهذه هي الأفضلية».
وأشار إلى أن «تعبيد المناطق غير المعبدة نهائياً، ومد شبكات الصرف الصحي، يتطلب دفع رسوم خدمات من سكان هذه المناطق للتنفيذ من قبل المحافظة، وعدم دفع هذه الرسوم قد يحول دون قيام المحافظة بالأعمال».
الصيانة «بشرط»!
بدوره، أكد أمين سر محافظة دمشق خالد الشماع في حديثه لإحدى الإذاعات العاملة بدمشق، أن «الأرصفة المتضررة إن لم يمر عليها أكثر من 5 سنوات لا تقوم المحافظة بإصلاحها، والشوارع المهترئة التي لا تصل نسبة اهترائها إلى 60% لا نقوم بقشطها وتزفيتها من جديد».
وتابع «يتم تقسيم الموازنة الخدمية الموجودة لدى محافظة دمشق على 14 قطاعاً بدمشق، وبحسب ما يأتي من كشوف لجان اللأحياء ودوائر الخدمات يتم تقدير الأفضلية للتنفيذ».
محافظة دمشق، رصدت المليارات للصيانة والمشاريع، وبحسب تصريحات المحافظة نهاية 2013، فإنها «رصدت مبلغ يقارب ملياري ليرة و671 مليون من أجل مشاريع حيوية في مدينة دمشق»، ومن هذه المشاريع المفترضة، تأهيل المباني والآليات العامة والمباني الحكومية المتضررة والناتجة عن الأحداث الراهنة، وتأمين آليات خدمية وهندسية لزوم الجاهزية، وتقديم وتركيب وسائل الأمان الطرقي والسلامة والدلالة والتنظيم والتأهيل في مختلف شوارع المدينة وتزفيت طريق «قاسيون» وإكساء وترميم مجرى نهر «بردى».
المليارات والمشاريع «الورقية»!
وضمت مشاريع المحافظة، استبدال خطوط الصرف الصحي وتنفيذ شبكة صرف مطري ومصارف مطرية في مختلف مناطق المدينة وتأهيل عدد من حدائق دمشق وتأهيل المشاتل ومشروع طريق «قصر الشعب- دمر» للمراحل الأربع، وتجديد وإعادة تأهيل شارع «مدحت باشا» والحارات الممتدة والمحاذية وتوسعة جسر «عربين» والمحور الممتد إلى عقدة «القابون» للمدخل الشمالي للمرحلة الأولى والمرحلة الثانية وتنفيذ جدران استنادية وأدراج في مختلف أنحاء المدينة وتأمين المواد والمستلزمات الخاصة بمديريات الصيانة ودوائر الخدمات ونقل وترحيل القمامة والأنقاض من مناطق متفرقة في المدينة.
وأغلب ما تقدم من مشاريع «لم يتم تنفيذه» بحسب المشتكين، مؤكدين أنه «لا توجد أية مؤشرات لهذه الأعمال» فيما وصفوه «بتصريحات إعلامية فقط اعتادوا عليها كل عام»، متسائلين عن «مصير ميزانية محافظة دمشق وملياراتها التي لم يتم الإفصاح عنها بشكل دقيق، ما يعيق المحاسبة والتقييم».