ثراء فاحش على حساب الدم السوري
نتيجة للوضع الأمني الخطير والخراب الذي لحق بمدينة «دير الزور» الذي سببه الطرفان المتنازعان على حد سواء، وخاصة القصف العشوائي على المناطق السكنية، مما أدى إلى نزوح أعداد هائلة كانت وجهتهم في أول الأمر إلى محافظتي الرقة والحسكة، مما أوقع على كاهل هؤلاء النازحين أعباءً مادية كبيرة جعل ممن يمتلك مالاً إلى إنفاقه ومن يمتلك حلياً ذهبية إلى بيعها، وتفاقم سوء حالهم بشكل لا يمكن وصفه من جوع وفاقة وحرمان الأمن والأمان طيلة أكثر من عام كامل
ونتيجة الوضع الأمني الجديد في محافظة «الرقة» وتردي الأوضاع بها اضطر الكثيرون منهم إلى العودة إلى محافظة دير الزور، وخاصة سكان أحياء «الشيخ ياسين» و«الحميدية» و«الجبيلة» في خطوة تحدٍ قسري بعد أن ضاقت بهم السبل، وبالمقابل نجد أن الحاضنة الشعبية للمجموعات المسلحة في تراجع متزايد وخاصة بالنسبة لـ «جبهة النصرة»، ليصل الأمر إلى حد قيام بعض الكتائب المسلحة بحل نفسها والتزام منازلهم وخصوصاً تلك الكتائب التي تحمل طابعاً عشائرياً.
مما شجع المواطنين على القيام بنهر أولادهم من الوقوع في الخطأ والتورط في حمل السلاح، فقد قام الموظف المغترب في دولة الكويت المدعو «أحمد جاسم العبيد» الذي وصله خبر انشقاق ابنه العسكري المجند، فجاء من الكويت وقام بتسليم ابنه إلى وحدته، الذي لا يزال موقوفاً لغاية الساعة، مما شكل ردة فعل سلبية عند أبناء قريته ليتخذ منها البعض الحجة له ويدعو من خلالها إلى عدم الركون إلى الحل السلمي.
وفوق كل ذلك، التلوث البيئي الحاصل في منطقة «الفرات» وانتشار الكثير من الأمراض السارية مثل (الحمى المالطية وذات الرئة والسرطانات)، نتيجة استخراج النفط والقيام بتصفيته بـ «فرازات بدائية»، لذلك يطالب الأهالي بتدخل الجيش العربي السوري فوراً والسيطرة على آبار النفط هناك. لكن ما يثير الاشمئزاز والحذر حادثة إعدام امرأة وهي أمٌ لعدد من الأطفال نتيجة الحكم الذي صدر بحقها من «الهيئة الشرعية» في مدينة «الميادين» بحجة أنها كانت تنوي تفجير مشفى ميداني. هذه الحادثة التي لاقت استياءً شعبياً كبيراً، حيث اعتبرت عشائر المدينة أن هذا التصرف اعتداء على «الشرف العشائري».
ثم لتأتي حادثة قتل قائد إحدى الكتائب المسلّحة على يد مسلحين اختلف معهم على المسروقات، حيث وجد في بيته مبلغ مليار وستمائة ألف ليرة نتيجة لسرقة النفط، أمام هذا الوضع المزري والمرعب في ظل تغييب الحل السياسي السلمي كمخرج وحيد للأزمة السورية من طرفي الصراع المسلح (متشددي النظام والمعارضة المسلحة)، وفي ظل استمرار التنسيق بين المجموعات المسلحة والفاسدين في محافظة «دير الزور» بغية إطالة أمد الأزمة لزيادة الثراء اللامشروع لطرفي الفساد، تستمر معاناة الأهالي في المحافظة نزوحاً وتشرداً وفقراً وفقداناً لأبنائهم وممتلكاتهم وإهانة لكرامتهم.