الاتصال والتواصل زمن الحرب.. سوريون يُجبرون على أنماط جديدة وشركات أجنبية تدخل الحدود
فرضت الأزمة السورية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، المترافقين مع النزاع المسلح وخطورة التنقل وصعوبة التواصل والاتصال، أساليب وأنماطاً لحياة جديدة، لم يألفها السوريون سابقاً، أو لم تكن أساسية في حياتهم كما أضحت اليوم
انقسام بعض المناطق والمحافظات في سورية إلى فئتين «آمنة وغير آمنة»، دفع السوريين إلى اللجوء لأنماط حياتية مختلفة عن السابق للتواصل فيما بينهم سواء داخل المنطقة الواحدة، أو بين عدة مناطق على اختلاف تصنيفها من حيث الأمان.
شركات اتصال أجنبية على الأراضي السورية!!
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها صحيفة «قاسيون» من خلال التواصل مع بعض الأشخاص، فقد تبيّن أن العديد من سكان المناطق الشمالية السورية وخاصة القامشلي والحسكة، والمناطق الجنوبية المتوترة على الحدود مع الأردن، لجؤوا إلى استخدام خطوط اتصالات خليوية من شركات الدول المجاورة ، للتغلب على قضية انقطاع الاتصالات المحلية بشكل متكرر ولفترات طويلة، وعمدوا أيضاً إلى استخدام الانترنت الفضائي بدلاً من الداخلي الذي انقطع عنهم منذ مدة طويلة.
سكان المناطق الآمنة، مازالوا يعتمدون شركات الاتصال الخليوي المحلية، إلا أن ذلك لم يمنعهم من إيجاد وسائل أخرى بديلة أرخص وأفضل منها، خاصة في ظل تردي جودة تغطية شبكة هذه الشركات، وعدم خفض تعرفة المكالمة الهاتفية رغم ارتفاع قيمة نفقات الفرد اليومية التي فرضت عليه مؤخراً، عدا عن تدني حركة التنقل بين أفراد العائلة الواحدة للزيارات المعتادة سابقاً لسخونة الأحداث.
«فايبر» و «وتس أب» بدلاً من الـ mtn و syriatel
وكان البديل عن شركات اتصال الهواتف النقالة المحلية (سيرياتل) و (ام تي ان) في المناطق الآمنة أو «الباردة»، تطبيقات وبرامج محادثة (صوتية أو مكتوبة) تنصّب على الهواتف النقالة مثل برنامج (الفايبر) وبرنامج (الوتس آب)، حيث تعتمد هذه البرامج على الاتصال بشبكة الانترنت فقط، ما يوفر من نفقات المواطن على الاتصالات الخليوية.
وتبلغ كلفة دقيقة الاتصال الواحدة عبر الهاتف النقال في سورية وبشكل وسطي 6 ليرات سورية، والحديث لمدة 5 دقائق، سيكلف المتصل 30 ليرة سورية، وإذا كان لديه 5 أشخاص يتطلب أمرهم الاطمئنان عليهم يومياً في ظل الأوضاع الراهنة، فإن التكلفة ستصل إلى 150 ليرة بشكل يومي، وبتكرار الاتصال لمدة 30 يوماً فإن التكلفة ستبلغ حوالي (4500 ليرة سورية) بالشهر ، أي ما يفوق ثلث راتب غالبية الموظفين السوريين، الذي ما زال على حاله منذ سنتين، رغم زيادة سعر صرف الدولار الأميركي إلى أكثر من ضعفي ما كان عليه قبل الأزمة.
وبمقارنة هذه المعادلة بتكلفة الاتصال عبر الانترنت الذي يكلف وسطياً كل شهرين من (1300 ليرة سورية) إلى (2000 ليرة)، سواء لخطوط (ADSL) أو باقات الـ )ثري جي(، ستكون برامج الانترنت أقل تكلفة بشكل كبير.
رسائل ورقية وشريط كاسيت
انعدمت الاتصالات نهائياً في بعض المناطق الساخنة، ومنذ فترة طويلة، مثل حلب وريفها وريف حماة وأدلب، ولم يستطع جميع سكان هذه المناطق الحصول على خطوط اتصال خليوية من دول مجاورة أو ما شابه، للتواصل مع أقربائهم بدمشق أو غيرها من المحافظات، ما دفعهم إلى العودة «للرسائل الورقية» أو «أشرطة الكاسيت الصوتية» التي تسجل بعد استحضار الكهرباء عبر المولدات.
«ساعي البريد» في هذه الحالة، يكون سائق شاحنة أو باص صغير أو بولمان خاص، أو شركات النقل، التي ترسل عن طريقها الرسالة أو الكاسيت وتسلّم للشخص المعني في المحافظة أو المنطقة الأخرى عن طريق عنوانه أو الاتصال به من قبل «الساعي».
تقطّع أوصال بعض الأسر السورية، وخاصة التي لديها طلاب يدرسون أو أشخاص يعملون في محافظات أخرى وخاصة الساحلية منها، تطلب إيجاد سبل جديدة أكثر أماناً للسفر المتكرر لهؤلاء، أو لم شمل الأسرة كل فترة، حيث لجأ بعضهم إلى جعل الأراضي اللبنانية طريقاً خارجياً أكثر أماناً للسفر، بدلاً من العبور داخلياً عبر محافظات ساخنة براً، أو الذهاب إلى مطار دمشق الدولي الذي يشهد طريقه توترات أمنية بين الحين والآخر.
المشي أو دراجة هوائية وتكسي جماعي
داخل المحافظات الآمنة، ونتيجة الازدحام المروري اليومي الناجم عن طوابير السيارات المصطفة لساعات أحياناً على بعض حواجز الجيش السوري لضرورات أمنية معينة، دفع المواطنين إلى الاستغناء عن وسائل النقل نهائياً وخاصة عند قصدهم لأماكن قريبة نسبياً، فالسير على الأقدام الحل الأمثل لهذه الحالة.
أزمة فقدان البنزين المتكررة، والازدحام الذي تم التنويه إليه، أجبر أصحاب السيارات الخاصة على الاستغناء عنها ، مقابل استخدام الدراجات الهوائية، في حين اضطر بعض المواطنين الذين يقطعون مسافات طويلة يومياً للوصول إلى أعمالهم، أن يعتمدوا سيارات «التكسي» الجماعية التي تقل حوالي 5 ركاب في آن واحد يقصدون طريقاً واحداً، ليتم تقاسم الأجرة فيما بينهم.
ارتفاع تسعيرة وسائل النقل مؤخراً نتيجة غلاء المحروقات، وتردي الأوضاع الأمنية في بعض المناطق، قيّد حركة المواطنين نسبياً، ما دفع غير المضطرين للتنقل يومياً، إلى اعتكاف منازلهم واعتزال حياة المدينة.
ويشار إلى أن أغلب ممارسات وعادات السوريين اليومية قد تبدلت إلى منحى آخر، وذلك تكيّفاً اضطرارياً مع ظروف الأزمة الراهنة في البلاد، فقد طال هذا التبدّل العادات الغذائية والشرائية والاجتماعية وغيرها.