لا يموت حق : لماذا إطالة أمد التقاضي؟
من وظائف الدولة الأساسية إقامة العدل بين المتقاضين بصورة يتمكن معها كل ذي حق من الوصول إلى حقه فلا يجعل من نفسه حَكَماً بينه وبين خصمه، ولا يسعى إلى أخذ ما يدعي به لنفسه بيده حتى لا تكون الغلبة للقوة
فإذا قصرت الدولة بوظيفتها اختل نظامها وفسد مجتمعها.
وعلى أرض الواقع تكون رحلة التقاضي بين المتخاصمين طويلة جداً ومُرهِقة جداَ لمن اختارها طريقاً حضارياً للحصول على حقه، ويعزو الكثيرون إطالة أمد التقاضي إلى قانون أصول المحاكمات في حين أنه لو أحسن تطبيق هذا القانون واتبعت الإجراءات المنصوص عنها فيه لما كانت هنالك أية شكوى ولتم حسم المنازعات على وجه من الدقة والسرعة.
إن طول أمد التقاضي يعود إلى أسباب عدة منها ما يتعلق بإهمال بعض النصوص ومنها ما يتعلق بنقص التأهيل العلمي والمعارف القانونية وعدم توفر المساعدات العلمية والفنية والجهاز الإداري وعلينا أن لا ننسى أيضاً دور المحامين ومحامي إدارة قضايا الدولة ودورهم السلبي في حسم الدعاوى وعدم تأهيل دور المحاكم فضلاً عن خطأ بعض التشريعات المعدلة لقانون الأصول.
إهمال تطبيق بعض النصوص
(المواد 98-103)- أصول تبادل اللوائح:
حدد الباب الثاني من قانون الأصول إجراءات قيد الدعوى وتبليغها مع مؤيداتها وأدلتها إلى الخصم بحيث يتم قيدها وإبلاغها إلى الطرف الآخر والجواب عليها وفق المراحل الزمنية التي حددتها المادة 98:«على المدعى عليه أن يجيب على الدعوى خلال ثمانية أيام من تاريخ إبلاغه استدعاءها كتابياً وأن ترفق بالجواب الدفوع المؤيدة ويسلم الإجابة مع المؤيدات إلى ديوان المحكمة وفق قائمة بيانات وأن يذيل كل ذلك بتوقيعه بأنها مطابقة للأصل».
وأيضاً المادة 99:«بانقضاء المدة الممنوحة قانونياً للمدعى عليه للإجابة يرفع كاتب المحكمة الملف إلى القاضي لتعيين جلسة للنظر فيها فإذا كانت الدعوى جاهزة من خلال مؤيداتها المرفقة باستدعائها لحسمها يعين جلسة للنطق بالحكم المنهي للخصومة وفي حال وجد القاضي ما يوجب اتخاذ إجراء قانوني يقرر فتح باب المرافعة وتكليف من يراه من الأطراف لإكمال ما وجده من نواقص».
وهذا النص كما أسلفنا من النظام العام، غير أن العمل بنصوص ما هو من النظام العام المواد 98-103 مغيّب رغم أنها من النصوص الآمرة فقد بدأ النص في كليهما بصيغة الأمر «على المدعى عليه أن...... .».
ومن النصوص الآمرة و المهملة المادة 107 من قانون أصول المحاكمات، التي نصت على أن الخصم الذي لا يكون له وكيل أو موطن في بلد المحكمة أن يتخذ موطناً مختاراً له فيها تحت طائلة إبلاغه على لوحة إعلانات المحكمة وفقاً للمادة 24 أصول ولا يغني عن وجوب تحديد الموطن المختار بحسب المادة 106 أصول التي تجعل موطن الوكيل موطن الموكل في درجة التقاضي التي وكل فيها، فهذا الموطن صالح لتبليغ أوراق الدعوى وغير صالح لتبليغ أرواق قضائية في دعوى أخرى بنيت على تلك. وهذا النص مغيب أيضاً، وحبذا لو أن وزارة العدل وإدارة التفتيش القضائي عملت على تطبيق هذه النصوص وسهرت على تطبيقها وتأهيل الجهاز الفني لذلك لما كانت هناك شكوى من طول أمد التقاضي.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.