العنف المدرسي... حلول وإمكانات
«العنف المدرسي نقيض التربية الحديثة، فهو يهدد الكرامة الإنسانية ويخالف كل القيم الحضارية والسامية، لأنه يقوم على تهميش الآخر ورفضه وتصغيره والحط من قيمته الإنسانية، وبالتالي يولد إحساساً بعدم الثقة وتدني مستوى الذات. وإذا كان العنف مرفوضاً بالمعنى الأخلاقي فإن العنف الذي يمارس تجاه الطالب لا يتماشى مع أبسط حقوقه في التعبير عن ذاته ويؤسس لثقافة اجتماعية مشوهة عفى عليها الزمن وخاصة إذا كان العنف يقمع ذلك الحق تحت شعار التربية»
ولذلك فإن المدرسة تعد إحدى وسائط التنشئة الاجتماعية الهامة التي أوكل إليها المجتمع مسؤولية تحويل أهدافه وفق فلسفة تربوية عصرية إلى عادات سلوكية تؤمن النمو المتكامل والسليم للتلاميذ إلى جانب عمليات التوافق والتكيف والإعداد للمستقبل، ومن خلال المدرسة يتشكل الوعي الاجتماعي والسياسي ويكتسب التلميذ المعارف والمهارات لمزاولة نشاطه الاقتصادي.
تراجع العملية التربوية والتعليمية
إلا أن انتشار ظاهرة العنف والفوضى في المدارس بات يهدد أكثر من أي وقت مضى دور المدرسة في إصلاح المجتمع ورسم ملامحه المستقبلية لينعكس على تراجع تاريخي في العملية التربوية والتعليمية برمتها من خلال تكريس الفكر التلقيني مكان الفكر التحليلي والنقدي البنّاء، لتتحول المدرسة إلى منتج استهلاكي نتيجة للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي أرهقت المجتمع والدولة وقوننت ثقافة الفساد.
ومن جانب آخر لم تكن الأسرة والموروث الثقافي والتنشئة الاجتماعية الخاطئة للطفل بالإضافة إلى الحرمان والفقر إلا عوامل مساعدة في انتشار ظاهرة العنف المذكور وكذلك مساهمة دور الإعلام والأفلام التي حرضت وتحرض على المزيد من اكتساب العادات والسلوكيات التي تشجع العنف كل ذلك في غياب دور المدرسة والمعلم للحصانة المطلوبة لمواجهة ظاهرة العنف التي تركت بآثارها على التلاميذ مشاكل نفسية مختلفة منها (الانعزالية-الاكتئاب- الإحباط- الخوف... إلخ). وانعكاس ذلك بشكل سلبي على الآداء والمتمثل في انخفاض مستوى التحصيل الدراسي والتسرب والتأخر والهروب والإكراه من المدرسة والمعلم.
إلغاء ثقافة العنف
وبغض النظر عن أشكال العنف ومظاهره سواء من المدرسة والمعلم على الطالب أو اعتداء الطالب على المعلم وانتهاءً بالمشاجرات الطلابية فيما بينهم، فإن المسؤولية الوطنية والتربوية تقتضي إلغاء ثقافة العنف بكل ألوانه في «المجتمع- الأسرة- المدرسة» بسبب العلاقة الجدلية التي تربط تلك العناصر الثلاثة مع بعضها، وضرورة أن يتجلى ذلك في عقد ندوات حوارية بين المعلمين وأولياء الأمور في المدرسة لمناقشة أسباب العنف ووضع الحلول بالطرق الوقائية والعلاجية واستخلاص النتائج لتسهيل مهمة المدرسة في إصلاح المجتمع.