على وقع نتائج السياسات الليبرالية والأزمة: معامل مهددة بالتوقف والخروج من السوق المحلية
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

على وقع نتائج السياسات الليبرالية والأزمة: معامل مهددة بالتوقف والخروج من السوق المحلية

تعد صناعة الجوارب في سورية من الصناعات الوطنية الهامة، شأنها شأن الصناعات النسيجية الأخرى، التي تعتبر من أعرق الصناعات وأهما لما تحمله من خواص عديدة ومطلقة، وتتركز صناعة الجوارب في دمشق وريفها وهي تغطي كامل الطلب المحلي.

وتقوم بتصدير الجزء الأكبر من إنتاجها للأسواق العالمية، فلا يكاد يخلو معرض خارجي من منتجات هذه الصناعة لقدرتها الدائمة على فتح أسواق جديدة، لميزة الجودة العالية والسعر المنافس، ويعتبر المنتج الصيني المنافس الكبير والوحيد للمنتج السوري رغم أن الآلات المستخدمة وقطع الغيار وأغلب الخيوط تستورد من الصين نفسها وهذا يدل على وجود ميزة مطلقة لهذه الصناعة وهي الخبرة المتراكمة عند الصناعيين وقدرة العمال على التكيّف مع شروط الإنتاج ومتغيّراته.

تحديات عدة..

وتعرضت هذه الصناعة لتحديات عدة وكبيرة ويعتبر التحديان الأساسيان هما السياسات الاقتصادية الليبرالية للحكومات السابقة والأزمة السورية الشاملة، فمع تبني الحكومة العطرية-الدردرية لما سمي بـ«اقتصاد السوق الاجتماعي» ظهر التحدي الجديد، فتلك السياسات أصابت التجار ومكنتهم من السيطرة على السوق تدريجياً، فازدادت أرباحهم على حساب الصناعيين الذين بدؤوا بتخفيض تكاليف إنتاجهم لتطال بشكل أساسي أجور العاملين ومستوى معيشتهم.

ولم يكتفِ التجار بالتلاعب بحركة السوق والضغط على مجمل هذه الصناعة بل قاموا بإدخال المنتج الصيني للسوق المحلية التي كانت حكراً على المنتج السوري لعقود طويلة، محاولين تحقيق أحد الهدفين إما نجاح تسويق المنتج الصيني وحصد الأرباح الطائلة وإما الضغط على الصناعيين لتخفيض تكاليف إنتاجهم وبالتالي توسيع أرباح التجار.

تنافس مدمر؟!

وهذا ما حصل، حيث استطاع الصناعيون بما يمتلكونه هم وعمالهم من خبرات وإمكانيات هائلة على تخفيض تكاليف الإنتاج ولكن لحدود غير مسبوقة. ولتبدأ مرحلة جديدة من تنافس الصناعيين لزيادة الإنتاج وخفض التكاليف ومنها أجور العمال مرة أخرى وبشكل أكبر.

وأما التحدي الآخر فقد بدأ مع بداية الأزمة السورية الشاملة وامتداد الصراع المسلح إلى ريف دمشق الذي يحوي أغلب معامل الجوارب والخيوط والمستودعات، مما أرغم الصناعيين على نقل منشآتهم إلى أماكن آمنة، فمنهم من انتقل إلى دمشق، والآخرون نقلوها إلى خارج البلاد مثل مصر. وكان للعمال الدور الأكبر في إعادة تدوير الإنتاج، فيما فشل البعض في نقل هذه المعامل التي تعرضت إما للنهب أو الحرق أو التدمير أو مازال أسير المعارك.

المعامل والعمال على المحك

فبعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الأزمة السورية استطاعت هذه الصناعة إعادة الإنتاج الذي وصل إلى الـ 65% من معدل إنتاج ما قبل الأزمة رغم كل الصعوبات التي طالت الاقتصاد السوري وخاصة الحصار الاقتصادي وتقطع طرق النقل واضطراب سعر الصرف وخسارة الأسواق الخارجية بفعل الحصار وارتفاع تكاليف الإنتاج من مواد أولية وأجور نقل وأجور العقارات الجديدة.

ومع زيادة وتيرة الإنتاج تحتاج صناعة الجوارب لأسواق تصريف منتجاتها للاستمرار في عملية الإنتاج، فهذه المعامل مهددة فعلياً بالتوقف الجزئي أو الكلي وبالتالي فإن الآلاف من العمال مهددون أيضاً بخسارة أعمالهم.

المطلوب: دعم وخطوط تصريف

ويرى بعض الصناعيين أن الحل الوحيد لإبعاد هذا التهديد هو الدعم الحكومي من أجل أمرين هما: 

أولاً- تخفيض تكاليف الإنتاج عن طريق دعم المحروقات والطاقة الكهربائية وتخفيض الرسوم الجمركية من قطع الغيار والخيوط المستوردة من الصين.

وثانياً- إجراءات حكومية لفتح خطوط تصريف للمنتجات من خلال تبادل سلع مع الدول التي لا تلتزم بالحصار الجائر مثل إيران وروسيا لتمكين الصناعيين من الإستمرار في الإنتاج ريثما يأخذ الحل السياسي مجراه وتنتهي هذه الأزمة. فمن أحد أهم عوامل الصمود الوطني هو البقاء على الإنتاج الصناعي وتحمل الحكومة كامل مسؤولياتها باتجاه قطاع الإنتاج الصناعي الوطني.

آخر تعديل على الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2016 13:37