الغوطة الشرقية تنتفض ضد «التجويع»
هناك مثل شعبي يقول «الضغط يولد الانفجار»، وسكان الغوطة الشرقية الخاضعون لحصار مزدوج منذ أشهر يعانون من نتائجه الصعبة، حيث لا مواد غذائية تدخل ولا مواد زراعية تخرج، المسلحون في الداخل مستودعاتهم ملأى بالمواد الغذائية، وما يلزم لاستمرار الحياة لهم ولخاصتهم، بينما السكان المدنيين بدأ الجوع الحقيقي يفعل فعله فيهم.
استنفذ الأهالي كل الإمكانيات لتأمين حاجاتهم الضرورية، خاصةً الخبز الذي هو غير متوفر وإن توفر لأحد، يكون ثمنه باهظاً لا قدرة لعامة الناس على تأمينه، لهذا الوضع المأساوي الذي سببه المُحاصرون للغوطة الشرقية من الداخل والخارج لم يكن أمام من هو جائع إلاً أن يتحرك احتجاجاً.
قهر وذل وجوع
الحركة السلمية على الأرض في ظل وجود السلاح قضية لها مخاطرها وتوابعها التي قد تعني الموت في مواجهة تكفيريين وإرهابيين أصبحت مهنتهم الموت، والقتل تحت شعارات أصبحت ممجوجة ولم تعد مقنعة لأحد ممن هم خارج دائرة الحصار فكيف بمن هم داخل دائرته.
لقد تحركت جموع الناس في الغوطة الشرقية في مواجهة التكفيريين، وتجمعوا هاتفين بشعارات تعبر عن مأساتهم الحقيقية، وتعبر أيضاً عن توقهم للخلاص من حالة القهر والذل والجوع الذي أصابهم بسبب السلاح الذي رفع بالاتجاه الغلط، والمفترض أن يكون باتجاه العدو الحقيقي، العدو الذي يحتل الجولان، والذي لا يمكن تحريره دون توجيه كل سلاح السوريين نحو هذا العدو عبر مقاومة شعبية شاملة.
المزاج الشعبي الرافض
إن الحراك القائم في الغوطة والعديد من المناطق الأخرى التي يسيطر عليها المسلحون الأغراب ومن في حكمهم من المسلحين السوريين على امتداد الوطن يعكس المزاج الشعبي الرافض لهكذا وجود لا يمكن أن يعبر عن مصلحة الشعب السوري، ومطالبه، التي خرج من أجلها في حراكه السلمي قبل سرقته، ومحاولة توظيفه لتمرير أجندات دولية وأقليمية، ومن هنا فإن واجب الدولة ملاقاة هذا الحراك، وأن تتعامل معه بعقلية الدولة المسؤولة عن حمايته من خلال دعمه بكل الوسائل والإمكانيات الضرورية لتعزيز صموده في مواجهة القوى التكفيرية التي فرضت نفسها بقوة السلاح الممول من الخارج، رافعةً شعارات عفا عليها الزمن، ولا تليق بشعب يملك حضارة عمرها آلاف السنين.