ديرالزور: المواطنون والبيئة ضحية العنف.!
دير الزور.. عروس الصحراء.. وعروس الفرات مازال العنف المزدوج يطعنها في كل الجهات قتلاً وقصفاً وقنصاً ودماراً وتكفيراً.. ويذهب أبناؤها وقوداً للعنف المزدوج عنف المسلحين بكل أشكالهم وعنف قوى القمع والفساد... الذي طال الأخضر واليابس واغتال رموز الفرح والخير، فكما تلوث الفرات ويبست حقوله، وسقط جسرها المعلق شهيداً وغريقاً.. وما بين «التحرير» و«التطهير» فقد المواطنون الأمن والأمان.. فقدوا لقمة العيش البسيطة إلى حد الكفاف.. الموت يكمن لهم في كل زاوية وشارع.. وفي كل خطوة في أي اتجاه..
الحقول يابسة... والمياه شحيحة... والظلام يرخى سدوله على الريف والمدينة الأطفال فقدوا ملاعبهم والنساء ثكالى يتشحن بالسواد.. الشباب ضاعوا في المتاهات.. متاهات السلاح.. والحاجة التي تدفع حتى إلى ارتكاب الموبقات، اللصوص سرقوا البيوت والممتلكات.. تجار النفط المكرر بدائياً يتاجرون بحياتهم وبيئتهم... المدارس مغلقة، وصارت حلبة للقتال والمعارك العبثية.. الخطف والاعتقال على الحواجز..
الألوان الداكنة تغلف الطبيعة والنفس.. والكل يبحث عن نافذة للخلاص.. الخلاص ممن قمعهم ونهب خيراتهم منذ عقود والخلاص من الحرامية والذئاب الجدد الذين ما فعلوه في عامين حرق تعب وشقاء عشرات السنوات...
المواطنون مهتمون أنى ذهبوا.. يعاقب الجميع بخطايا القلة العاملون عليهم أن يأتوا من كل فج عميق تهجروا إليه ليقبضوا ما يسمى الراتب، وليبصموا بإبهامهم صكوك المذلة..
البيئة ضحية أيضاً!
أكثر من عشرين عاماً مضت على إنشاء الحزام الأخضر في دير الزور، وكان يحوي آلاف الأشجار المثمرة والأشجار الحراجية، وكلف مبالغ طائلة من مضخات وصهاريج وأنابيب ري، ورغم الفساد والنهب إلا أن عدداً كبيراً منها قد نجح.
وكان الهدف منها حماية ديرالزور من الغبار والعجاج وتثبيت التربة، هذا قبل الأزمة، وبعد مرور عامين من الأزمة ماتت غالبية الأشجار، وتحولت إلى حطب، والحطب تحوّل إلى وقود.. وذهبت الأموال والجهد الذي بذل هباءً منثوراً.
كما تعرضت «الحوايج» الجزر النهرية، والأشجار على ضفاف الفرات وحتى غالبية الأشجار المزروعة في شوارع مدينة ديرالزور للمصير ذاته وذبحت علناً وبرعاية قوى القمع والفساد والمسلحين معاً تحت حجج واهية وقبض ثمنها التجار والفاسدون.
وكذلك في العامين الماضيين لم تزرع المحميات الرعوية بالنباتات، ويضاف إلى ذلك، ما تمارسه عصابات سرقة النفط وتكريره من زيادة التلوث في الهواء والتربة وحتى الماء حيث تلقى مخلفات التقطير في بعض المناطق في نهر الفرات، وهذا أدى أيضاً إلى ارتفاع المستوى الحروري وزحف التصحر في الريف لتصبح ديرالزور إحدى أبرز المناطق الملوثة بيئياً، وكل ذلك أدى إلى ارتفاع الإصابات بالأمراض الجلدية والنفسية والقلبية والسرطانية بين من تبقى من أبناء المحافظة سواء في المحافظة أو الريف.
إننا نناشد جميع أبناء المحافظة الشرفاء والمهتمين بالشأن العام والبيئة العمل على إيقاف هذه الكارثة، وبحث وضع البيئة الفراتية والحياة الفطرية فيها بأشجارها وأحراجها وحيواناتها وطيورها التي لم يبقَ لها أماكن للعيش.
ديرالزور مدينتي الجميلة رغم كل الألم والأسى مازالتُ، وسأبقى أحبك، وانتظر بفرح العودة إليك.