السوري حبيس استغلال البدائل الكهربائية
وكأن مدير عام المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء لم يكن متوقع أية زيادة في حجم الاستهلاك الكهربائي، حيث صرح لإحدى الصحف المحلية بأن: «هناك ارتفاع واضح في حجم الاستهلاك الكهربائي وزيادة الحمولات بشكل عام»، مبيناً نسبة الزيادة في حجم التوليد التي بلغت 48%.
على الطرف المقابل لم ينف المدير العام عدم كفاية الطاقة المولدة لحاجات الاستهلاك، لكنه عزاها للنقص بكميات الغاز، قائلاً: «أن سبب عدم توازي كميات التوليد مع المطلوب للاستهلاك إنما يعود للنقص في كميات الغاز اللازمة».
أما مدير شركة كهرباء دمشق فقد قال أنه: «حالياً مع الاستهلاك الجاري بالتوازي مع المتوفر يمكن تشغيل 4 ساعات خدمة مقابل ساعتين تقنين في النهار مع الحفاظ على الاستقرار الكهربائي ليلاً من ساعة 8 مساءً حتى الصباح"، مشيراً إلى أن: "كمية الزيادة في الاستهلاك في العاصمة زادت إلى الضعف حالياً، موضحاً أن هناك نسبة كبيرة منها كانت نتيجة الاستجرار غير المشروع والمخالفات والتعديات على الشبكة».
ما من شك بأن حجم التوليد الكهربائي لم يرق لحد كفاية حاجات الاستهلاك، بغض النظر عن التبريرات والذرائع، والدليل هو استمرار ساعات القطع والتقنين وعدم استقرار التيار الكهربائي عموماً، والتأكيد على استئنافها على شكل ساعتين قطع مقابل 4 ساعات وصل وذلك على مستوى مدينة دمشق، ولا ندري ما ستؤول إليه حال برامج التقنين في بقية المدن والمحافظات، خاصة خلال فصل الشتاء والبرد الحالي.
وربما من المفروغ منه أن سنين الحرب والأزمة لا يمكن لها أن تكون مقياساً لمعدلات الاستهلاك بسبب خروج العديد من محطات التوليد عن الخدمة، أو توقف بعضها بشكل جزئي أو كلي في أوقات مختلفة طيلة هذه السنين، بالإضافة للتعديات على خطوط النقل والتوزيع، ما أدى لعدم استقرار التيار الكهربائي بعموم البلاد، وطول ساعات القطع بمقابل ساعات الوصل، وبالتالي فإن معدلات الاستهلاك كانت منخفضة جداً بما لا يمكن قياسه مع الحاجات عملياً، كما أن الواقع والتصريح أعلاه، يشير إلى أن 48% زيادة على الكم المنتج من هذه الطاقة لم يكن كافياً من أجل تأمين حاجات الاستهلاك عملياً، وهو أمر طبيعي فهذه النسبة في الزيادة ربما مقاسة مع كم الانتاج خلال سنين الحرب والأزمة، وهي من كل بد لا تعتبر مقياساً بناء عليه كذلك الأمر.
الواقع الكهربائي الحالي، مع التصريحات أعلاه والأفق القادم الذي يحمل معه برامج التقنين مجدداً بالشكل الرسمي، يتعارض عملياً مع كل التصريحات الرسمية قبل مدة قصيرة حول استقرار التيار الكهربائي والوعد بشتاء أفضل على مستوى الإنتاج والاستهلاك، خاصة بظل الإعلان عن استعادة الكثير من موارد الطاقة المحلية، غاز ونفط، كما وإعادة تأهيل محطات التوليد وخطوط النقل، وواقع تحسن الطرق عموماً، بظل الاستقرار النسبي الملحوظ على المستوى العسكري والأمني بعموم البلاد، ناهيك عن الربط الاقليمي للشبكة الكهربائية المعلن عنه رسمياً.
والنتيجة المستخلصة عملياً على أثر تناقض التصريحات، وبظل الواقع المعاش والحديث عن برامج التقنين، هي أن المواطن على ما يبدو سيبق رهينة عدم استقرار التيار الكهربائي، كما ستبق تساق له الذريعة تلو الأخرى كتبرير لعدم كفاية حاجاته، والأهم من هذا وذاك هو أنه سيبق حبيس الاستغلال من قبل مستوردي وتجار البدائل الكهربائية والفاسدين، على حساب ضروراته المعيشية الأخرى!
ويبق السؤال الأساس ما هي معايير المقارنة المعتمدة على مستوى تحديد معدلات الاستهلاك، التي يقال بأنها ارتفعت بشكل واضح مؤخراً، وما هي كمية النقص المطلوب ترميمها على مستوى زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية من أجل تأمين حاجات الاستهلاك هذه، وإلى متى سيطول الانتظار لتأمينها؟