الرواتب أو الجحيم والانفجار العظيم!
هي مغلقة بوجهنا دائماً، هكذا هي حالنا نحن معشر أصحاب الأجور المهدودة والمعدومة، فكلما طرح موضوع زيادة الرواتب والأجور تفتح بوجهنا جبهات ومعارك وبوابات الجحيم الرسمي!
وزير المالية هو آخر من أغلق علينا باب زيادة الرواتب خلال رده على بعض أعضاء مجلس الشعب الأسبوع الماضي، فاتحاً بوجهنا جحيم رفع أسعار المشتقات النفطية بالمقابل.
معادلة باتجاه واحد
لا أعلم ما هو ذاك الرابط الخفي بين زيادة الرواتب ورفع أسعار المشتقات النفطية لدى حكوماتنا العتيدة، ليقال بالحرف الواحد على لسان وزير المالية: "إنّ زيادة الرواتب والأجور تعني زيادة أسعار المشتقات النفطية" هكذا، وكأن تمويل هذه الزيادات انعدمت بمقابلها إمكانية الاستعانة بموارد أخرى، ربما تكون أكثر يسراً وأقل تداعياً سلبياً على المستوى المعيشي والاقتصادي العام؟! وكأن معادلة زيادة الرواتب لها طرف وحيد مقابل هو رفع أسعار المشتقات النفطية فقط لا غير!
ورب أحد يقول بأن هذا الربط مقترن بالحرب والأزمة خلال السنين الأخيرة، إلا أن حقيقة الأمر تنفي ذلك جملة وتفصيلاً، حيث اقترنت زيادة الرواتب بزيادة أسعار المشتقات النفطية دائماً وذلك منذ ما قبل سنين الحرب والأزمة الحالية.
على الطرف المقابل ربما من الممكن القول لماذا لم يتم زيادة الرواتب مع كل زيادة في أسعار المشتقات النفطية طالما أن الأمرين مرتبطان ببعضهما البعض كمعادلات معتمدة لدى الحكومة؟ فقد طرأت عدة تعديلات على أسعار هذه المشتقات رفعاً، خلال السنين الماضية ولم يطرأ أية زيادة على الرواتب معها، فهل العلاقة بين هاذين المعطيين أحادي الجانب على طرفي المعادلة، ومعطى الأجور هو الحلقة الأضعف بها دائماً؟
روابط لا تقبل العكس
لنأت للأهم بعد هذا النفي المطلق وسد الأبواب في وجهنا من أجل زيادة الرواتب، فحديث وزير المالية تطرق لتكاليف الانتاج المرتبطة بأسعار المشتقات النفطية، وبالتالي بأسعار السلع والخدمات، التي تمتص أية زيادة على الرواتب وفقاً لهذا الربط أحادي الجانب، وبأن العمل الحكومي الحالي مبني على تحسين الواقع المعيشي وربط ذلك بتخفيض بعض الأسعار.
الكلام الأخير ربما من الممكن اعادة تصويبه مباشرة للحكومة، وفقاً لنفس معادلاتها المفروضة علينا قسراً، لنقول فلتعمل الحكومة على تخفيض أسعار المشتقات النفطية، طالما أنها مرتبطة بتكاليف الانتاج وبأسعار السلع والخدمات بالنتيجة، خاصة وأن كل دعوات الحكومة من أجل تخفيض الأسعار مقترنة بانخفاض سعر الدولار، الذي تسعر بموجبه المستوردات كمدخلات في عملية الانتاج، ولعل المدخل الأساسي فيها هو المشتقات النفطية التي تقوم الدولة باستيرادها عملياً.
فهل من الممكن أن يتم تخفيض سعر المشتقات النفطية رسمياً استناداً لانخفاض سعر الدولار بما يؤدي عملياً لتسير المعادلات أعلاه عكساً لمصلحة المستهلكين وتحسين المستوى المعيشي المفترض، أم أن لهذه المعادلات توصيفات حكومية مختلفة أيضاً؟
معادلات ظالمة ومحابية
لعله من المستبعد أن ندرك ماهية المعادلات الحكومية المعتمدة التي تربط الأجور بالإنتاج بالمشتقات النفطية بالأسعار وبغيرها، والتي تتباين بروابطها بين أطرافها المختلفة، بحيث تظهر كل مرة بنسق تضيع معه امكانية التحقق من نتيجتها، والتي غالباً ما تكون ظالمة لنا وعلى حساب معيشتنا، بمقابل وضوح معادلات أخرى معتمدة رسمياً من قبل الحكومة كسياسات واضحة وضوح الشمس ولا لبس فيها، وهي كل المعادلات المحابية التي تُعنى وتهتم بمصالح كبار التجار والفاسدين، الذين استباحوا لقمتنا ومعيشتنا وفقاً لها واستناداً إليها.
وبالمختصر المفيد فإن حديث وزير المالية الأخير، مع غيره من التصريحات الرسمية الأخرى، خلال الفترات القريبة والبعيدة الماضية، تعني بأنه لا زيادة على الرواتب كما أنه لا تحسين على المستوى المعيشي.
يعني مسدودة مسدودة، بانتظار الانفجار العظيم!