حقيقة تنشيط القطاع الصناعي السوري
تحت عنوان «ما أُنجز من قبل وزارة الصناعة والحكومة لتنشيط القطاع الصناعي الخاص» سردت وزارة الصناعة، عبر موقعها الرسمي نهاية الأسبوع الماضي، جملة من الإجراءات التي تم اتخاذها ضمن خطتها على تبسيط الإجراءات ودعم المنشآت الصناعية وحمايتها.
ومن جملة ما تم سرده هو بعض المراسيم والقوانين والقرارات التي صدرت خلال العام الحالي بما يتعلق بالإنتاج الصناعي على مستوى «الإعفاء من المؤونة على مدخلات الإنتاج المستوردة- الإعفاءات من الرسوم الجمركية على الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة- تخفيض الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج والمواد الأولية- إعفاء البضائع المنتجة محلياً من رسم الإنفاق الاستهلاكي في حال تصديرها- السماح باستيراد الآلات والتجهيزات الصناعية المستعملة- السماح باستيراد الأقطان المحلوجة- السماح باستيراد الخيوط القطنية- وغيرها من الإجراءات الأخرى».
مع التأكيد على ضرورة ما تم اتخاذه من إجراءات كما ورد أعلاه، على الرغم أن من يستفيد من غالبيتها هي شريحة المستوردين والمصدرين، إلا أنه مما لا شك فيه أن تنشيط القطاع الصناعي الخاص، ودعم الإنتاج المحلي والصناعة الوطنية عموماً، لا يقتصر على وزارة الصناعة ودورها على هذه المستويات منفردة، رغم أهمية دورها وواجباتها المفترضة، بل هي مسؤولية وواجب حكومي عام من المفترض أن يدرج ضمن السياسات والبرامج المعتمدة والمقرّة والمنفذة.
مما لا شك فيه أن الصناعات الوطنية والإنتاج المحلي عموماً، عام أو خاص، من المفترض أن يكون محط الاهتمام الحكومي، فالقطاعات الإنتاجية، والعاملين فيها، هي منتجة الثروة الحقيقية، وبالتالي فإن دعم الإنتاج والصناعة من المفترض أن يكون مهمة ذات أولوية للحكومات، ولعل سنوات الحرب والأزمة، وتداعياتها السلبية الكثيرة والكبيرة والعميقة، تجعل من هذه المهمة ذات طبيعة خاصة لما لها من انعكاسات وتأثيرات، ليس على مستوى إنتاج الثروة فقط، بل لما لها من انعكاسات مباشرة على المستوى الاقتصادي الاجتماعي العام، والمعيشي على وجه الخصوص، مع عدم تغييب أهيمه ذلك على مستوى تسريع الخروج من الأزمة بالنتيجة، وذلك بحال كانت الإجراءات والسياسات المتبعة حكومياً تصب بخدمة ولمصلحة هذا الهدف فعلاً، مع ما يمثله من مصالح الشرائح المرتبطة به؟!
على هذا الأساس هل لنا أن نسأل عما صدر عن الحكومة من قوانين ومراسيم وقرارات خلال هذا العام أو ما سبقه من أعوام وعقود، كانت نتيجتها بالمقابل تقويض الإنتاج والصناعة المحلية، وتأريض كل ما من شأنه أن يكون داعماً ومؤازراً على هذا المستوى ليصبح سلبياً على الإنتاج والصناعة، كما على العاملين في هذه القطاعات بالنتيجة، سواء كانت عامة أو خاصة؟!
لعل الكثير من الأمثلة ترد بالأذهان بهذا الشأن، اعتباراً من سياسات الانفتاح الاقتصادي وفتح بوابات الاستيراد المشرعة مع سياسات تحرير الأسعار التي أضرت بالإنتاج والصناعة المحلية، مروراً باستنزاف وتخسير قطاعات الدولة الإنتاجية، وصولاً لما روج عن فائض العمالة، وليس انتهاءً بقانون التشاركية، وغيرها الكثير مما لا يعد ولا يحصى.
والنتيجة المستخلصة من كل السياسات الحكومية الليبرالية المعلنة والممارسة بأنها محابية لمصالح الكبار من غير المنتجين، على حساب بقية الشرائح الاجتماعية، وخاصة المنتجة منها، والتي كانت نتيجتها الملموسة هي التقويض المستمر للإنتاج والصناعة المحلية، بالإضافة للمزيد من الافقار العام.
ليس بعيداً عما سبق، وكمثال حي وصغير مما ذكر أعلاه:
لماذا تم إعفاء البضائع المنتجة محلياً من رسم الإنفاق الاستهلاكي في حال تصديرها فقط؟
هل منتج هذه البضائع ليس بحاجة لمثل هذا الدعم من أجل التسويق المحلي؟
أم أن المستهلك السوري المستنزف لا يستحق أن ينعم بالمنتج المحلي دون فرض المزيد من الضرائب والرسوم عليه؟
وخاتمة الأسئلة هل من الممكن تنشيط القطاعات الصناعية والإنتاجية فعلاً بظل الاستمرار بنفس السياسات الليبرالية المعمول بها رسمياً؟