الحلقة المليون من مسلسل الفساد في بلدية البوكمال

عندما كتبنا في عدد سابق من جريدتنا قاسيون عن تبذير ألاف الليرات على يد رئيس بلدية البوكمال من جراء إغلاقه لعدد من المحلات العائدة ملكيتها للبلدية،

وإيقاف استثمارها، واكتفائه باستثمار أرصفتها فقط، وقيامه بتطويق هذه المحلات بطوق من الأكشاك ليسد مداخلها، وعدم وضع القسم الصيفي من مقهى البلدية في الاستثمار مع القسم الشتوي بحجة تحويله إلى سوق لبيع الخضار، ليتحول هذا القسم إلى مكان تتجمع به الأوساخ والقاذورات وإلى بركة من المياه الآسنة تزكم بروائحها الأنوف وتقبض الصدور، وكل هذا في وسط المدينة ومركزها وعلى عينك يا تاجر. عندها قلنا إن هذا التصرف ما هو إلا باب مشرع من أبواب الفساد العلني، لتأتي الأيام وتؤكد صحة ما قلناه، لقد سبق لنا ولغيرنا بأن طالبنا رئيس البلدية بإعادة هذا القسم الصيفي إلى وضعه السابق كمقهى بعد أن عجز عن إقناع أو إجبار باعة الخضار والفواكة بالدخول إلى هذا المكان بدلاً عن الساحة العامة، علماً أن مقهى البلدية المذكور يقع في الساحة العامة نفسها، لكن رفض رئيس البلدية وإصراره على الرفض لما طالبنا به جعلنا نشم رائحة الفساد، وفعلاً فقد تكشفت الأمور وبشكل واضح لا لبس فيه، حيث استلم رئيس البلدية رشوة موصوفة من مستثمر القسم الشتوي لمقهى البلدية، هذه الرشوة التي أصبحت حديث الشارع البوكمالي وباعتراف المستثمر نفسه أمام جميع الجهات الأمنية في البوكمال، والتحقيق جار على قدم وساق، تبلغ قيمتها خمسة وعشرين ألف ليرة أخذها رئيس البلدية مقابل إعطاء المستثمر إذناً باستخدام خمسة أمتار كمكان للمدخنين بعد صدور المرسوم /62/ القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة.

كل هذا ليس غريباً علينا في ظل غياب المحاسبة، لكن الغريب في الأمر أن الطبول سرعان ما دقت ونفخت المزامير، ناسين ومتناسين تلك الملايين التي سرقت من البلدية سابقاً، وعبر العديد من الطرق والأساليب، حيث بيعت المقاسم والأراضي ووصل الأمر إلى بيع شوارع وأماكن مخصصة كحدائق عامة، والطرق التي نفدت بها المشاريع بعيداً كل البعد عن نصوص العقود وشروطها، وإلى بيع بيوت الشهداء، وكان قد فتح التحقيق بذلك، وتم التأكد وبالملموس. لكن بقدرة فاعل طيَّ الملف وركن على إحدى الرفوف وكأن شيئاً لم يكن. ففي ظل غياب المحاسبة ماذا علينا أن نتوقع سوى هكذا نتيجة؟ والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا طوي الملف السابق ولمصلحة من؟ ثم لماذا الجهات الوصائية في محافظة ديرالزور تعمل بمبدأ الخيار والفقوس فتسلط القانون على رقاب ناس وتبعده عن أناس آخرين. وهذا لا يعني دفاعاً عن أي فاسد مهما بلغ حجم فساده، فمحاسبة الفاسدين السابقين والحاليين سيكون درساً وعبرةً للاحقين، فمن يسكت عن الخطأ فهو الخطأ بذاته، ومن يسكت عن الفساد ما هو إلا مشارك به وأكثر فساداً، فغياب المحاسبة سيبقي الباب مفتوحاً لمزيد من الفساد ويكون جسر عبور وركيزة داخلية لعدونا وطابوراً من طوابيره، واشد خطراًَ على الوطن والمواطن من العدو نفسه.

البوكمال ـ المكتب الإعلامي