هل من حلول للبطالة وانخفاض الأجور؟!

هل من حلول للبطالة وانخفاض الأجور؟!

إن حل المشكلات الجوهرية للطبقة العاملة السورية، أو أصحاب الأجور أي لحوالي 90% من السوريين، هو حل للمشاكل الجوهرية في الأزمة الاقتصادية- الاجتماعية السورية، والتي يشكل حلها عصباً لنجاح النموذج الوطني لإعادة إعمار سورية.

قاسيون بحثت في ظاهرتي البطالة، وانخفاض الأجور، باعتبارهما المشاكل الجوهرية التي تواجه القوى العاملة السورية، وفي محاولة لصياغة حلول، أو سياسات عملية مطلوبة، يمكن القول أن الآتي هو جزء من الضرورات القادمة..
•    الضرورة ستفرض في مرحلة إعادة الإعمار، وضع خطة استثمارية وطنية، لمواجهة بطالة أكثر من 53% من القوى العاملة السورية. حيث أن الاعتماد على السوق، وعدم تنظيم توسيع الاستثمار في النشاط الاقتصادي لا يمكن أن ينهي البطالة.
لا يجب في المرحلة القادمة التراجع عن نسبة الذروة السابقة، حيث وصلت سورية في السبعينيات إلى نسبة 40% سنوياً توسع استثماري تقريباً، ولم تعانِ سورية من البطالة في حينها، إن 40% قد تكون الحد الأدنى المطلوب في المرحلة القادمة!
فبطالة بهذا الحجم لا يمكن القضاء عليها إلا بأعلى مستويات تعبئة الموارد، ودفعها المنظم إلى مجالات النشاط الاقتصادي، لتخلق فرص العمل.
•    أما فيما يخص الأجور المنخفضة، وفقر جميع القوى العاملة السورية، فإن المهمة الضرورية، هي زيادة الأجور لتغطي تكاليف المعيشة، أي زيادة الأجور – وعلى أساس المعدلات والأرقام الحالية -  بنسبة لا تقل عن 500%، وتصل إلى 650%. أما في كيفية هذه الزيادة التي من المستحيل دفعها نقداً، فإن المفروض تعويضها استثماراً وإنفاقاً لتغطية الحاجات، أي من المفروض أن تتحول إلى زيادة في حصة الأجور من الناتج، لتنتقل من حصة أقل من 20%، إلى حصة تتلاءم مع الضرورات، ولا تقل عن 50% أي نصف الناتج للأجور.
 (إن حصة تقارب 52% من الناتج في عام 2015 على سبيل المثال، تعادل حصول حوالي 3 مليون أسرة من أصحاب الأجور على دخل شهري 213 ألف ليرة وهو كاف لتغطية حاجات الغذاء والسكن والملبس والتعليم والصحة فقط).
•    من الضروري إخراج الغذاء من دائرة المضاربة والربح، والطريق الأفضل لتخفيض الربح من الجوع، هي عبر الوصول إلى توزيع أجر عيني غذائي، بسلة غذائية مجانية، وتقدر التكلفة السنوية لهذا الأجر العيني، إذا كانت السلة من نصف الحاجات الغذائية الضرورية فقط بـ 1,2 مليار دولار، وأقل من 4,4% من الناتج فقط! وهي حصة تذهب من الربح الاحتكاري في تجارة الغذاء، إلى أصحاب الأجور.
•    من الضروري أيضاً تخفيض كلفة السكن، وهذا قد يكون عبر إصدار قرار بتصفير سعر أراضي الدولة، وتخفيض كبير لتكلفة المساكن المقامة عليها، أو التي ستقام، ما يعني تخفيض كبير لأسعار العقارات في سورية، وتقليل حافز المضاربة عليها، وهو ما يعني تحويل مباشر من حصة الريع العقاري، إلى الأجور، وغيرها من وجوه الإنفاق الاجتماعي، التي تصب في الأجور..
قد يسأل القارئ: من سيقوم بهذه الحلول؟!
لا يمكن أن تقام هذه المشاريع، وأن تتخذ هذه القرارات دون وجود جهاز دولة قوي، يمركز الموارد، ويضع خطة استثمارية ومشاريع وطنية يكون قادراً على تنفيذها، وإلزام القوى الاقتصادية الأخرى، بالتقاطع معها..
ولكن لماذا لم يفعل جهاز الدولة السوري هذا سابقاً؟ الجواب سياسي وبسيط: فالقوى العاملة السورية ليس لديها أي تمثيل حقيقي، أو قدرة على الضغط على صناع القرار الاقتصادي في سورية، الذين يمثلون بسياساتهم مصلحة أصحاب الأرباح.
إن إنجاح نموذج إعادة إعمار، نواته مصالح عمال سورية وفقرائها، أي أكثر من 90% من أهلها، يتطلب أن يتدخل هؤلاء مباشرة عبر النشاط السياسي، ليفرضوا مصلحتهم على السياسة الاقتصادية، وليحولوا جهاز الدولة إلى أداة تدفع سورية ومعظم أهلها للأمام.


آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين2/نوفمبر 2016 17:15