إبداع "مسبق الدفع" يدخل حيز التبرعات عبر الاستهلاكية

إبداع "مسبق الدفع" يدخل حيز التبرعات عبر الاستهلاكية

أصدرت المؤسسة العامة الاستهلاكية قسائم شرائية مسبقة الدفع بقيمة /5 و 10/ آلاف ل.س، حيث يقوم المتبرع بشرائها من المؤسسة، أو عبر فروعها في المحافظات ليوزعها بدوره على المستحقين، ثم يقوم حامل القسيمة بشراء ما يناسبه من منافذ المؤسسة.

وأكدت إدارة المؤسسة أن إصدار هذه القسائم يهدف إلى المساهمة مع نشاط أصحاب الفعاليات والجمعيات الأهلية والخيرية، التي تقوم بتوزيع سلل غذائية أو مدرسية على المحتاجين، بغية التوفير في التكلفة (التغليف والنقل …) واستفادة المستحقين من كامل المبلغ المخصص بالقسيمة، واختيار الأصناف المطلوبة لهم، ومنعاً للمتاجرة بالمواد الموزعة.

كما تمت الإشارة إلى إمكانية مراقبة العمل من قبل الجهة المتبرعة ومتابعة عملية صرف القسائم, على أن يتم تنظيم جداول عند التصفية من فروع المؤسسة بأرقام القسائم وأسماء المستفيدين، مع مفصل هوياتهم الشخصية وتواقيعهم بالاستلام، كي تسلم للجهة المتبرعة.

 

مما لا شك فيه أن الخطوة التي اتخذتها المؤسسة بهذا المجال تعتبر "إبداع"، حيث تصب بمصلحتها أولاً، وبمصلحة موردي المواد والسلع، التي تتعامل بها المؤسسة، من القطاع الخاص ثانياً، ويبقَ ثالثاً والأهم هو كيف يتم صيانة حقوق حاملي القسائم من المحتاجين، خاصة إذا تذكرنا تجارب التعامل بقسائم اللباس العمالي في هذه المنافذ، وكيف يتم الغبن بحق حاملي هذه القسائم في كثير من الأحيان.

حتى الآن ما زالت الشكاوى موجودة حول التعامل بقسائم اللباس العمالي، اعتباراً من شراء هذه القسائم نقداً بسعر أدنى، مروراً بفرض نوعية معينة من المواد والسلع التي لا تلبي احتياجات حاملي القسائم، وفق مقولة "هذا المتوفر"، وليس انتهاءً بتسويف التسليم والمماطلة بحجج وذرائع مختلفة، وغيرها من الأساليب التي لا تخلو من الفساد هنا وهناك، ناهيك عن أن السعر والمواصفة والجودة ما زالت غير منافسة في هذه المنافذ، وذلك باعتبار أن الموردين بغالبيتهم من القطاع الخاص.

وباعتبار أن الآلية التنفيذية المقترحة للقسائم مسبقة الدفع أعلاه هي نفسها التي يتم التعامل بها بقسائم اللباس العمالي، حسب ما ورد أعلاه، باستثناء أن المؤسسة تحصل على القيمة بشكل مسبق، فإن الخشية من تحويل حاجة الناس إلى استغلال لهم، تحت ذريعة العمل الخيري والتبرعات، تصبح مشروعة.

آخذين بعين الاعتبار أن هذه المؤسسة وسواها من مؤسسات التدخل الإيجابي لم يفسح المجال أمامها لتقوم مقام التاجر والمستورد على مستوى النشاط التجاري والتسويقي حتى الآن، إن كان من حيث المرونة والكفاءة والصلاحيات، أو من حيث التمويل وتأمين رأس المال الكافي لإبرام الصفقات داخلاً وخارجاً، أو من حيث المحافظة على نسب الربح المقبولة التي تؤمن المنافسة المطلوبة "سعراً ومواصفةً وجودةً" لمصلحة المستهلكين، وغيرها من القضايا المتشعبة الأخرى.