في «الثلاثاء الاقتصادي»: مشروع «خلف الرازي» فخر الإعمار الحكومي..!
أقامت جمعية العلوم الاقتصادية اليوم 10-5-2016 ندوتها الشهرية المقرّة في الثلاثاء الأول من كل شهر في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة. الندوة التي حضرها العشرات من رواد الجمعية وبعض الإعلاميين كانت مخصصة لمتابعة البحث في ملف إعادة الإعمار في سورية الذي تم البدء بمناقشته في ندوة سابقة.
قاسيون
قدم المداخلة الرئيسية الاستاذ محمد زهير التغلبي، محافظ دمشق السابق، والذي سبق له العمل في التخطيط الاقتصادي في هيئة تخطيط الدولة لفترة طويلة، مقدماً ما أسماه (إضاءات على مستقبل إعادة البناء في سورية)، حيث اعتبر أن عملية إعادة الإعمار تحتاج، بداية، إلى دراسة وتحليل الوضع الراهن عند إطلاقها، واعتماد المؤشرات الكلية الدقيقة للقياس والتقدير، كالناتج والإنتاج، والتشغيل وغيرها. وأكد على أن واحداً من العناصر الإيجابية للظرف السوري الصعب، هو استمرار الدولة هيكلياً، وقدرتها على النهوض والقيام بالعمليات الخدمية.
وأعتبر المداخل أن هذا العنصر هو من أهم محددات نجاح عملية إعادة الإعمار، حيث أن فشل تجارب الإعمار في العديد من الدول، يتقاطع بالضرورة مع انهيار جهاز الدولة، أو تهميشه للحد الأقصى لتحل محله المنظمات والمساعدات.
كما أشار الاستاذ التغلبي، إلى أن عملية التحضير لمتطلبات إعادة البناء يجب أن تقوم على محاور: أولها (وضع الخطط والبرامج)، وثانيها هو (الإنسان) في إشارة إلى ظروف الفقر والوضع المعيشي المتدهور والهجرة وخسارة الكوادر، حيث اعتبر أن خسارة الكوادر البشرية السورية حالياً مع ظروف الهجرة والتهجير، هي أعلى من تكاليف إعادتها واجتذابها، وتشغيلها، التي اعتبرها ضرورة من ضرورات المرحلة القادمة. أما النقطة الثالثة فهي (الموارد المالية)، حيث أكد على أن التعويضات من الأطراف الدولية والإقليمية التي ساهمت في العقوبات على سورية، وفي تدميرها، يجب أن تكون عماد التمويل، لإعادة البناء في سورية.
إلا أن الباحث طرح نقطة خلافية هي تمويل تأهيل وتحديث المرافق العامة، وفق نظام (BOT): (بناء- تشغيل- تسليم)، والقاضي بقيام المستثمرين بإعادة تأهيل البنى التحتية، أو إنشاء بنى حديثة، واستثمارها، ثم تسليمها للدولة، ولم يستثن التغلبي من هذا النظام، إمكانية استثمار المرافق السيادية، بل اعتبر أنه صالح للمرافئ والمطارات، والطرق، والكهرباء. ويشار هنا إلى هذه هي واحدة من طرق التمويل التي تساهم في تهميش دور الدولة، وفي سحب العوائد من بين أيديها وتحكم المستثمرين بالمرافق العامة السيادية. وفي هذا الطرح مفارقة واضحة بين اعتبار أن بقاء الدولة هو نقطة إيجابية في إنجاح عملية الإعمار، وبين الدعوة إلى تقليص سيادتها ودورها على استثمار المرافق العامة!.
وسعت المحاضرة طيف العناوين، إلا أنها لم تقدم إضافات نوعية على حجم الحدث، سوى اعتبارها أن قطاع السياحة قد يكون واحداً من الروافع القادمة!
النقاش في نقاط الورقة امتد لساعة من الزمن، تم خلالها استعراض العديد من الآراء الهامة، ونقاش النقاط الخلافية، وأهمها اعتبار نقابة المهندسين وأعضاء من القائمين على مشروع إعادة إعمار خلف الرازي، أن المشروع المقام وفق المرسوم 66 لعام 2012، هو (واحد من إنجازات الحكومة في إعادة الإعمار)، بينما اعتبره بعض الحاضرين، مجرد مشروع سكني للطبقة المخملية يكرر مشاكل الاستملاك، ويهدد بزيادة الاحتقان الاجتماعي.
«قاسيون» ستناقش في عددها القادم الصادر بتاريخ الأحد 15-5-2016 نقاطاً من الورقة المطروحة حول إعادة الإعمار في جمعية العلوم الاقتصادية.