طلاب طب الأسنان في جامعة تشرين بين مطرقة الغلاء وسندان التهميش

لا شكّ أن الجامعات تعتبر من أهم المؤسسات التعليمية التي تبني مستقبل طلبتها، إلاّ أنها لم تسلم من التهميش مثلها مثل بقية مؤسسات الدولة، ولو أخذنا عيّنة من إحدى الكليات التابعة لجامعة تشرين، ألا وهي كلية طبّ الأسنان لرأينا العجب العجاب؛ ففي هذه الكلية على سبيل المثال، تعجّ المشاكل والمعاناة، سواء بالنسبة للطلاب أو للمراجعين المرضى.

تجهيزات معطلة وتكاليف كاوية
ويكفي أن نتخيّل؛ بأن كل ثلاثة طلاب يتناوبون ليعالجوا ثلاثة مرضى، على كرسي معالجة واحدة!، بالإضافة إلى الوقت الضيق أثناء إجراء المعالجة، تأتي معاناة أخرى على أجهزة الأشعة، ففي الكلية يوجد جهازان للتصوير الشعاعي فقط، وفي أغلب الأحيان يكون أحدهما معطلاً، فيقف الطلاب في طابور طويل أمام جهاز الأشعة، منتظرين الفرج لأكثر من نصف ساعة على الأقلّ، ليستطيع الطالب أن يجري الصورة الشعاعية للمريض، فيضيع أغلب وقته وقوفاً ومقتاً وانتظاراً مملاًّ، بالإضافة إلى غلاء أسعار مواد طب الأسنان، وغياب تأمين الكلية لهذه المواد، بالرغم من أنه بمقدورها تخفيف معاناة الطلاب فيما لو أرادت تأمينها، مثل: (كبسولات الأملغم_ الألجينات_ شمع الكير_ أسلاك التقويم_ أفلام الأشعة.. إلخ)، كما يوجد في الكلية مكروتورات، وهي أجهزة تتيح للطالب التدرب على أمثلة صناعية، لكن قسماً كبيراً من هذه الأجهزة معطل، وبالتالي يضطر الطالب أن يشتري جهاز مكروتور خاص به على حسابه، بالإضافة للمواد الأخرى، حتى يتسنّى له التدرّب والتعلّم، وهذا موضوع مرهق للطلاب ولأسرهم، وخاصةً في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي نعيشه.
طلبة وهموم
«قاسيون» رصدت هموم ومشاكل الطلاب، وأجرت لقاءات مع بعضهم، وكانت الحصيلة التالية:
 يقول الطالب (علي. س): من غير المعقول أن يتكفل الطالب بالمواد السنية المستخدمة في العلاج كلها، بينما تتكفل الكلية ببعضها فقط، وبكميات محدودة جداً لا تكفي الطلاب جميعهم، فالطالب يحضر المريض والأدوات والمواد اللازمة، ونحمد الله أن الكلية تحوي كراسي معالجة، حتى ولو كانت كل كرسي لثلاثة أو أربعة طلاب، فلولا ذلك لكان الطالب يحضر عيادة متحركة بأكملها.
كما قال الطالب (بادي. و): من أكبر المشاكل التي تواجهنا هي التصوير الشعاعي، فالتصوير جزء أساسي لمعظم المعالجات المطالبين بها، وبسبب وجود جهاز تصوير وحيد لفئة بأكملها، أي ما يقارب سبعين طالباً، فليس من المستغرب أن يضيع نصف ساعة إلى ساعة من الوقت من أجل إجراء صورة، فكيف إذا كان طلاب من فئات أخرى يستخدمون الجهاز أيضاً؟! علماً أنه يوجد جهاز ثانٍ لكنه معظم الوقت (مريض)..
أمّا الطالب (ياسين.ه) فقد قال: باختصار، إن عدد كراسي المعالجة قليل لا يتناسب إطلاقاً وعدد الطلاب، وبالتالي فإن الطالب يتعرّض لضغوط كبيرة في عمله، كما أن قلة المواد المؤمّنة في الكلية واضطرارنا إلى شرائها أمر مرهق مادياً، علماً أن الدراسة في كلية طب الأسنان من أكثر الكليات تكلفة مادية، لاسيما في هذه الأيام الصعبة على الجميع.
وقال الطالب (محمد. د): الصرف الصحي بالكلية وضعه لا يحتمل، فالمياه تطوف بالمخابر وتحت أقدام الطلاب، كما يُترك الطلاب تحت رحمة تجار المواد السنية، ورحمة المخبريين الفنيين واستغلالهم لنا بطلب أغلى الأسعار لتجهيز الأعمال، كما أن الطالب محكوم برحمة تجار المكتبات، فقد نشتري المحاضرة نفسها عدة مرات لنصل إلى حد أدنى من المعلومات المطلوبة، لأنه لا يوجد كتاب للمادة!
هذا غيضٌ من فيض مما يعانيه طلاب طب الأسنان في جامعة تشرين في اللاذقية، وسط التهميش واللا مبالاة واستغلال التجار لهم، وللحديث بقيّة.