العمال السوريون في دول المهجر

العمال السوريون في دول المهجر

التقرير الصادر عن اجتماع اسطنبول الذي عقدته منظمة العمل الدولية مؤخراً، وشاركت فيه جهات نقابية وحكومية تمثل البلدان التي تم إليها اللجوء يعكس حجم المأساة الكبيرة التي يعيشها العمال السوريون في البلاد التي هاجروا إليها، في سياق بحثهم عن عمل. 

وليس مهماً بالنسبة لهم نوع العمل ولا شروطه ولا الأجور التي سيتقاضونها، طالما أنه يؤمن من حيث المبدأ إمكانية الحصول على ما يسد رمقهم ويمنع عنهم الجوع الحقيقي، الذي كان قد أصابهم في موطنهم والآن يَستكمل دوره ويفعل فعله في بلاد الهجرة التي أذلت السوريين بكل المقاييس السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

أن تجتمع دول عده برعاية منظمة دولية، هواها ومرجعيتها صهيونية لتناقش أوضاع العمال المهجرين، ومدى تأثيرهم على العمال في تلك البلدان، من حيث المنافسة في سوق العمل، أمر لابد من التوقف عنده وكشف أبعاده السياسية والديمغرافية المستقبلية، ارتباطاً بالمشاريع الاستعمارية المطروحة والتي استخدمت اللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة كعنصر من عناصر التصعيد السياسي تحت دعوى المساعدة الإنسانية.
قضية العمالة السورية في بلدان اللجوء تتفاقم أكثر فأكثر، وخاصةً مع الهجرة الواسعة الجارية الآن في صفوف الشباب والعائلات، ليس لأسباب أمنية كما في السابق فقط، بل لأسباب آخرى يأتي في مقدمتها الوضع الاقتصادي الذي يزداد تردياً في ظل استمرار الحكومة بنهجها الاقتصادي والخدمي، حيث تتفاقم الأمور وتصبح خيارات العمل أمام القادرين على العمل محدودةً جداً، ليتحول الخيار الوحيد الذي قد ينقذهم هو خيار الهجرة والسفر بالرغم من مصاعبه ومخاطره التي تصل إلى حد الموت غرقاً.
إن الحكومة تتحمل المسؤولية الأساسية تجاه الظروف التي يتعرض لها العمال وغير العمال، كونها المساهم الأول في رفع نسب الفقر والبطالة والتهميش، وهذا سبب كافٍ للبحث عن مصدر رزق في بلاد آخرى، وتتعامل مع الهجرة رغم مخاطرها السياسية والاجتماعية، بمنطق التخفيف من الأعباء والالتزامات تجاه عموم الشعب السوري، وخاصةً الفقراء منه، بالوقت الذي هي مطالبة بإجراءات وخطوات في الداخل والخارج، مثل إيجاد فرص عمل عبر الاستثمار الحكومي بمشاريع مولده لفرص العمل هذا جانب، والجانب الأخر لا يقل أهمية عن دور الحكومة، وهو دور النقابات في حماية حقوق العمال في بلدان الهجرة عبر التعاون مع النقابات في تلك البلدان وخاصةً النقابات اليسارية التي ستكون استجابتها مؤكدة لمثل هذا التعاون ويمكن الاستفادة من مشاركة النقابات في ملتقى دمشق الذي سيعقد في الفترة القادمة.