تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
ويبقى الأمل...أمهات القنيطرة تخبزن كعك العيد على الصاج!

ويبقى الأمل...أمهات القنيطرة تخبزن كعك العيد على الصاج!

أدى التصعيد الأمني الذي حصل في مناطق الجبهة الشمالية لمحافظة القنيطرة مؤخراً إلى حدوث حركة نزوح جديدة، من مدينتي خان أرنبة ومدينة البعث، اللتان تبقى فيهما عدد قليل من السكان وخاصة من لم يستطع مغادرتهما لأسباب أغلبها معيشية .

شكلت قرى القنيطرة في بداية الأحداث ملجأً لعدد كبير من أبناء المحافظة الذين هجّرهم العدو الصهيوني عن منازلهم وقراهم عام 1967، والذين نزحوا مرة أخرى في الأزمة بسبب الأوضاع الأمنية فأقاموا في مدن وقرى دمشق وريفها وحمص واللاذقية.


نزوح متكرر

توقف سعيد عن عد الأيام والأعياد التي تفصله عن قريته ومنزله، فنزوح أهالي محافظة القنيطرة كان على مراحل عديدة طيلة سنوات الأزمة الخمس. الكثيرون قرروا البقاء في بلداتهم وقراهم حتى استحال البقاء.
جاسم.ع موظف في إحدى الدوائر الحكومية يقول لقاسيون: (هذا العيد الرابع لنا في مدينة خان أرنبة بعد أن تهجرنا من قريتنا نبع الصخر، لكنه أسوأ عيد قد يمر بنا، فالخوف من تساقط القذائف على المدينة منعنا من إقامة ألعاب الأطفال في الساحات العامة. كما منعتنا ظروفنا الاقتصادية السيئة من شراء ملابس الأطفال وإحضار الحلويات).
يضع نعيم أغصان نبتة الآس في وعاء كبير، فزيارة المقابر فجر يوم العيد هي الطقس الوحيد المتبقي له من طقوس العيد، يروي نعيم لنا شيئا عن حاله، فيقول: (كان والدي يصطحبني معه صباح يوم العيد لوضع الزهور على قبر والده الذي توفي في دمشق، وهو ينتظر العودة إلى أراضي قريته المحتلة. تهجرت مع عائلتي من حي مخيم اليرموك إلى عدد من المناطق في دمشق وريف دمشق، وفي النهاية استقر بنا المطاف في مدينة البعث في القنيطرة. قتل والدي قبل سنة ونصف السنة بعد سقوط عدد من القذائف على الحي الذي نسكنه، ولم نعد نملك أي دخل سوى راتبه التقاعدي الذي لا يسد إلا جزءاً بسيطاً من احتياجاتنا أنا وأخوتي الأربعة ووالدتي، لذلك لن يكون لنا عيد حتى نعود إلى منزلنا في المخيم).


لا كعك لا عيد!

تصر أم ماجد على إعداد كعك العيد الذي لن يعجن هذا العام بالسمن العربي وحليب الماعز والذي كانت تملكه أم ماجد ولم يعد متوفر لديها اليوم، وتؤكد لنا أنه: (صحيح أن ظروفنا الصعبة أخرجتنا من منازلنا وجعلتنا نفتقد أبسط الأشياء التي لم نكن نتخيل يوماً أننا سنفقدها، إلا أنه لا ذنب لأطفالنا في هذه الحرب ونحن نحاول إسعادهم بأي طريقة). وتضيف (عدنا إلى العادات القديمة حيث نعاني من انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة كما أننا لا نملك أفران غاز لذلك سنقوم بشواء عجين الكعك على الصاج). في هذه الأثناء يترقب الأطفال خروج أول كعكة كي يشتموا رائحة العيد، وتقف السيدات بانتظار دورهن كي يخبزن كعكهن، فالحال واحد في هذه البلاد.
رضوان.خ مستخدم في إحدى المدارس، يشرح لنا وضعه ببساطة، فيتساءل: (كيف يمكن لموظف براتب لا يتجاوز العشرين ألف أن يرسم البسمة على وجوه أطفاله!). يقيم رضوان مع عائلته المؤلفة من ثمانية أشخاص في محل تجاري استأجره منذ سنة، ويتابع (يتوجب علَي دفع تسعة آلاف ليرة كإيجار للمكان الذي أسكنه والباقي يقسم على الطعام والملابس وثمن للدواء).


توقف النشاط الزراعي!

تعد الزراعة وتربية المواشي المهنة الرئيسية لأبناء القنيطرة إلى جانب الوظائف الحكومية، لكن الحرب الدائرة منذ خمس سنوات جعلت عدداً كبيراً من أبناء المحافظة عاطلين عن العمل.
يعتبر وحيد نفسه محظوظاً، حيث يقيم مع عائلته بعد أن تهجر من قريته في القطاع الجنوبي لمحافظة القنيطرة في منزل أحد الأقارب ولم يضطر لدفع إيجار. وحيد المزارع البسيط الذي كان يملك عدداً من الدونمات في ريف القنيطرة زرعها بأشجار الكرز والزيتون إلى جانب زراعة القمح وتربية عدد من الأبقار والماعز، قال لقاسيون يقول: (كنت أعيش حياةً جيدة مع عائلتي، لكن الحرب حولتني إلى شخص عاطل عن العمل ينتظر الإحسان من أقاربه وإخوته... أنا أبحث يومياً عن عمل ونادراً ما أجده). ويضيف وحيد: (التعتيل هو العمل الوحيد الذي استطيع القيام به فأنا لا أجيد سوى الأعمال الزراعية). حال وحيد لا تختلف عن حال معظم السوريين، فمنذ ثلاث سنوات لم تدخل حلوى العيد إلى المنزل، ويعلق الرجل على ذلك بالقول: (الأمر قاسٍ جداً، فأنت تقف أمام أبنائك عاجزاً، بل بات أكبر أبنائي يصرف علينا بعد أن عمل في أحد المحال التجارية)!.


مساعدات برنامج الأغذية لا تكفي

يتلقى مهجرو القنيطرة مساعدات عينية من(برنامج الأغذية العالمي) تضم عدداً من عبوات زيت الطعام النباتي لا تتجاوز الخمس عبوات، وأكياس من الأرز والبرغل والمعكرونة وعبوات من فول المائدة، تتراوح القيمة المادية للحصة الغذائية بين 5 إلى 8 آلاف ليرة، لكن الحصة الغذائية تأتي موحدة، ولا تميز بين عدد أفراد العائلات المحتاجة. ومتوسط عدد أفراد العائلة الواحدة من أبناء القنيطرة هو ستة أشخاص، وقد يصل العدد إلى سبعة عشر شخصاً في العائلة الواحدة، والحصص الغذائية توزع مرة كل شهرين تقريباً، وقد تحصل العائلات على كيس من الدقيق تترواح زنته بين الخمسة عشر إلى عشرين كيلو وذلك مرة واحدة في السنة.


ساحات العيد

 يوجد في تجمع جديدة عرطوز- الفضل مساحات واسعة تسمح بإقامة ساحات ألعاب مخصصة للعيد، ويمكن إخضاع هذه الساحات للمراقبة الأمنية وكذلك للمراقبة الصحية.
جولان.المحمود يملك أرجوحة أطفال هناك، تحدث لنا عن أجواء العيد في ظل الأزمة فقال: (نحن من أبناء الحي ونعرف الظروف المعيشية الصعبة لذلك حاولنا عدم رفع إيجار ركوب اللعبة، وتراوحت الأجور بين العشر ليرات إلى الخمسين ليرة للشخص الواحد).
تعلق أم رامي وهي من سكان حي الفضل، على هذه الأجواء بالقول: (أدخلت هذا الألعاب الفرح إلى قلوب أبنائنا وخاصة أن إيجار الألعاب لم يكن مرتفعاً، لكن عدم وجود تنظيم جيد أدى إلى وقوع إصابات جسدية بين الأطفال وخاصة أن بعض أصحاب الألعاب يضعون عدداً كبيراً من الأطفال في الألعاب بسبب تدني أجرة اللعبة الواحدة). وتتابع أم رامي: (مع الأسف لم يكن يوجد اعتناء بالنظافة من قبل عمال البلدية حيث بقيت أكوام القمامة متكدسة في الساحات القريبة من ألعاب الأطفال مما نغص عليهم فرحتهم وخاصة انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الذباب بشكل كبير).

 

شيء من التعاون لأهل (حي الفضل)

لا يريد سكان التجمعات التي تضم نازحي محافظة القنيطرة سواء في عرطوز أو حي جديدة عرطوز للنازحين، سوى إيجاد طريقة فعالة للتعاون فيما بين محافظتي القنيطرة وريف دمشق في مجال الخدمات، حيث كانت ولا زالت تعاني هذه التجمعات من نقص في خدمات النظافة، ووصول مياه الشرب إلى المنازل، ورغم أن وضع المياه شهد تحسناً ملحوظاً خاصة بعد إدخال آبار مياه جديدة إلى الخدمة، لكن نسبة العكر والأتربة ما زالت مرتفعة جداً في المياه التي تصل إلى المنازل. كما لا يزال سكان جديدة عرطوز الفضل يعانون من قلة المواصلات العامة التي تخدّم حيهم، مما يؤدي إلى زيادة في العبء المادي على السكان، ويرى السكان أن التعاون الجيد مع محافظة ريف دمشق سيخفف من معاناتهم كثيراً.