صناعيو حلب .. عصابات سطو.. وإجراءات حكومية هزيلة؟

صناعيو حلب .. عصابات سطو.. وإجراءات حكومية هزيلة؟

 

مع اندلاع الأحداث في مدينة حلب، كانت الصناعة أحد أهم الأعصاب الحيوية التي وجهت لها ضربة قاصمة، حيث تم تفكيك معاملها المتواجدة في المدن الصناعية، أو المتفرقة في أطرافها، وبيعها خردة في الأسواق التركية، وبأسعار زهيدة، ناهيك عن ضرب مراكزها القديمة في سوق المدينة، والخانات التي كان لها بعد اقتصادي كونها كانت الانطلاقة الأولى لتلك المراكز الصناعية لمنع قيامها من جديد ما وجه ضربة مؤلمة للاقتصاد السوري عامة، ولحلب كعاصمة اقتصادية.

المدينة الصناعية...

 وعود في السراب لإعادة الآمال بعد عودة الشيخ نجار، وبعض المناطق الصناعية في المدينة، لتضم للمناطق الآمنة فيها، ما بشر بعودة عجلة الاقتصاد، وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار التام، بفعل الضربة العسكرية التي وجهت لها، حيث تم توجيه عدة توصيات من قبل عدد من الصناعيين وعن طريق غرفة الصناعة، وتقديم دراسات عن واقعها، وكيفية عودة عجلة العمل، وآليات ذلك على المستوى القانوني، والإجرائي والتشريعي. لتأتي تصريحات المسؤولين على المستوى الحكومي والمحلي أسطوانات تغني في واد، والواقع في وادٍ آخر، من توفير المناخات ومتابعة واقع المدينة الصناعية، وتأمين الخدمات والبنى التحتية، وإصدار التشريعات والقوانين التي تسهم في تذليل الصعوبات أمام بدء عملية الإنتاج كعامل مساعد في منع هجرة رؤوس الأموال أو الصناعيين، وقدمت عن ذلك عدة تقارير حول عجلة الإنتاج وحجم الاستثمارات ضمن أرقام ونسب لم ينعكس منها شيء على الواقع الاقتصادي، إلا تردٍ في سعر صرف الليرة لعدم وجود إنتاج حقيقي يسهم في دعمها، باستثناء الأرقام على صفحات تلك التقارير.


 صناعيو حلب الحدود ورائكم

 تعلو استغاثات الصناعيين وما يتعرضون له من نهب وسطو تحت تهديد السلاح في وضح النهار ودون وجود رادع والمفارقة أن تلك السرقات لم تتم من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة، وإنما من جهات معروفة ومدعومة رسمياً، كما يقول العديد من الصناعيين، ما يطرح تساؤلات عنها وعن سبب سكوت المسؤولين في المحافظة، وعلى المستوى الحكومي المريب عن ذلك، والذي يضع بعضهم في دائرة الاتهام والتواطؤ إذا لم نقل التورط. لتغدو الهجرة خياراً وحيداً في واقع اقتصادي وأمني متردٍ و«سياسات تطفيش» تبدو وكأنها مقصودة، كل ذلك دفع العديد من الصناعيين للتفكير بجدية لإغلاق مصانعهم، وإخراج خطوط إنتاجهم لعدم وجود أي خطوات حقيقية لحمايتها أو أي قرار سياسي لبدء العملية الاقتصادية، وهو ليس ببعيد عن السياق الذي دفع العديد من السوريين لتفضيل الإبحار في المجهول على البقاء في واقع أكثر ظلاماً، لنسأل هل كانت المؤامرة داخلية أم خارجية ؟؟ 
في السلم والحرب مهدت السياسيات الاقتصادية الليبرالية التي طبقت في سنوات ما قبل الأزمة وخلقت أوضاع معقدة، فهذه السياسات وما فرخته من أزمات اقتصادية، انعكست سلباً على حياة المواطن السوري وعلى الاقتصاد السوري أيضاً، وكانت سبباً في اشتعال الأزمة. وفي سنوات الحرب استمرت هذه السياسات الاقتصادية، مترابطة مع نيران الحرب، لتنفذ ما لم ينفذ من برامج اقتصادية لليبرالية في سنوات السلم، وكانت الحرب الفرصة الذهبية للفاسدين الكبار في الداخل والخارج، لضرب عصب الدولة الأساسي، وبشكل أعمق وبأدوات داخلية لتفرخ الأزمة الأساسية أزمات أكثر وأكبر وأعمق وأشد حدة بحيث يصعب معها أية معالجة جزئية، وفي الوقت نفسه تفرض استحقاقات جدية على مستوى القرار السياسي في بحث حل حقيقي ملبٍ لطموحات وتطلعات السوريين.