ماذا بعد الملتقى الاقتصادي الأول.؟

ماذا بعد الملتقى الاقتصادي الأول.؟

أجمعت الأطراف المختلفة الحاضرة للملتقى الاقتصادي العمالي الأول على أهمية الخطوة التي أقدم عليها الاتحاد العام لنقابات العمال، بأن جعل من الملتقى مكاناً للصراع المفتوح دون قيود، لأهم القضايا الاقتصادية التي لعبت دوراً مهماً وأساسياً في تفجر الأزمة الوطنية العميقة، التي انكر ممثلو الحكومة وبعض الأكاديميين دور تلك السياسات، واعتبروها إنجازاً للحكومات بما فيها الحكومة الحالية، التي تمضي بإصرار وبشكل متسارع في توسيع شبكة السياسات الليبرالية، لتشمل معظم القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية بما فيها المواقع التي لها الصفة السيادية حسب قانون التشاركية.

 إن الملتقى الاقتصادي قد حدد التخوم بين اتجاهين، دار الصراع بينهما، وهذا الصراع ليس مزاجياً أو رغبة به، إنه تعبير عن مصالح من يملك ومن لا يملك، تعبير عن حق الأغلبية الساحقة من الشعب السوري بأن تملك ثروتها المنهوبة من قوى رأس المال الكبير، والفساد الكبير، لبناء سورية الجديدة الديمقراطية المقاومة التي ينشدها الشعب السوري. ولكن ماذا بعد الملتقى؟

عادةً ما تعقد المؤتمرات واللقاءات لتذهب توصياتها وقرارتها أدراج الرياح، وتصبح نسياً منسياً، وهذا ما لا نريده للتوصيات وحصيلة النقاشات التي دارت في الملتقى الاقتصادي الأول، خاصةً ونحن نمر بمنعطف خطير تتهد فيه البلاد والعباد من قوى في الداخل وقوى في الخارج، وهنا تكون المواجهة مع هذه القوى هي قرار وطني لابد من العمل من أجله، والمواجهة مع قوى النهب بالداخل، التي لها أدواتها المتعددة. تشمل الرؤية والبرنامج وتحالف الطبقة العاملة مع القوى الوطنية التي لها مصلحة في الصدام مع القوى التي أضرت بمصلحة الشعب السوري وفي مقدمتها الطبقة العاملة السورية.
الحركة النقابية باعتبارها الممثل القانوني للطبقة العاملة السورية، لابد أن تكون بطليعة القوى المناهضة للسياسات الليبرالية وهي بهذا الموقف المفترض، تدافع عن حقوق ومصالح من تمثلهم، وهم أغلبية الشعب السوري المنتهكة حقوقه في عيشه وكرامته، بسبب أشياء كثيرة، منها سياسة إفقاره وتهديد مكان عمله، أي حقه بالعمل الذي كفله الدستور السوري وتنتهكه السياسات الليبرالية، من خلال القوانين والتشريعات التي تشرعن رفع الأسعار، وتحديد الأجور وتسريح العمال، وإضعاف دور الدولة، وبالتالي دور القطاع العام السياسي والاقتصادي الاجتماعي ليسود القطاع الخاص الريعي الذي يعظم نسبة الأرباح السريعة على حساب الاقتصاد الحقيقي الصناعي الزراعي.
إن الوقت يضيق والأزمات الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم، وهذا يعني إعادة إنتاج الأزمة ولكن بأشكال أكثر عمقاً من الأزمة التي نحن فيها. فهل نبادر جميعاً لصد الريح العاتية التي جلبتها لشعبنا السياسات الليبرالية، أم نبقى في إطار التوصيات والقرارات وكفى الله المؤمنين شر القتال؟