العمال الزراعيين في الحسكة.. ظروف غير إنسانية تحت الشمس الحارقة
أثرت الأزمة كثيراً على طبيعة المجتمع الزراعي في محافظة الحسكة، وأدت لتغييرات في شرائحه الاجتماعية، وتدهورٍ في المستوى الاقتصادي للطبقات الدنيا بسبب السياسات الزراعيّة الخاطئة، وأكثر تلك الطبقات تأثرًا بهذه السياسات، هم طبقة العمال، وفى القلب منهم عمال الزراعة الذين يشكلون النسبة الأكبر في الريف.
إن الأوضاع المأسوية التي يعيشها الفلاحون في الحسكة، تطلب إعادة النظر في طبيعة عمل عمال الزراعة وتناول الخصائص الاجتماعية لهم، نتيجة الإفقار والاستغلال والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرضون لها من بعض المتعهدين للأعمال الزراعيّة، يجري هذا في وقتٍ يعلم الجميع أن لا إنتاج بلا هؤلاء، لأن عنصر العمل البشري أهم الموارد الإنتاجية الرئيسة في الاقتصاد، وهو بالتالي الركيزة الأساسية للنهوض بالإنتاج الزراعي، باعتباره أحد عناصر الإنتاج في جلَّ الريف الجزراوي.
زوال الروابط الفلاحية
إن أبسط متطلبات المعيشة، أن يتوفر لهؤلاء العمال ليس حد أدنى من البيئة الملائمة للعمل فقط، بل الحد الذي يسمح لهم بتلبية احتياجاتهم، الاقتصادية والاجتماعية دون استغلال، للتوفيق بين متطلبات العمل والمتطلبات المعيشيّة لأسرهم.
لقد واجه الفلاحون بفعل الأزمة وطول أمدها العديد من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، وانعكست بصورة مباشرة في حياتهم، أحدثت آثاراً سلبية على توازن سوق العمل، وقد أكد المهندسون الزراعيون في منطقة المالكية لـ«قاسيون» أن «هذا الأمر أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة، فضلا عن عدم توافق الكفاءات والمهارات المعروضة، وطبيعة فرص التشغيل المطلوبة في سوق العمل، وزيادة تكلفة عناصر الإنتاج عموماً».
فيما الفلاحون قالوا: «لم يعد تأمين العمال الزراعيين من مهمة الروابط والجمعيات الفلاحيّة، وإنما مجموعة من المتعهدين بالوكالة، لا يهمهم سوى الربح السريع، على حساب عرق وجهد العمال ومن الجنسين معاً».
عمال فقراء
إن أفضل الحلول لوضع قواعد التأمين الاجتماعي، أن يكون هناك اتفاق واحد بين الجميع لوضع حد أدنى لأجور العمال الزراعيين، لأن أيّة رغبة حقيقيّة في معالجة مشكلة الفقر في الريف، يجب أن تبدأ بحل مشكلة الزراعة والعمال الزراعيين أنفسهم. ولا فرق بين حقوق عمال الزراعة، وحقوق العمال في باقي القطاعات، الذين لهم مؤسسات ونقابات عماليّة تدافع عنهم، في حين عمال الزراعة لا نقابة تحميهم، ولا جمعيات فلاحيّة تحفظ لهم حقوقهم، فيعملون في ظروف غير إنسانية نظراً لساعات عملهم الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، إلى العديد من المخاطر البيئية التي تؤثر على صحتهم وأدائهم على المستوى البدنيّ والنفسيّ، بل والاجتماعيّ بسبب بيئات العمل القاسية، التي تفتقد أبسط قواعد السلامة والصحة المهنيتين، بعد تأسيس العديد من الحراقات والمصافي اليدوية للنفط في معظم الأراضي الزراعية في ريف الحسكة.