دوري بطعم «الفوز».. لمَنْ نرفع القبعة؟
بسام جميدة بسام جميدة

دوري بطعم «الفوز».. لمَنْ نرفع القبعة؟

ثلاثة مواسم كروية مرت علينا ونحن في غمار الأزمة التي تعصف بالبلاد، ولم تتوقف المباريات، بل استمرت الملاعب تنبض بالحياة والنشاط الذي رسم ملامح لعبة كادت أن تتلاشى، وهي تعيش ظروفاً أقل ما يمكن أن يقال عنها صعبة..!!

فرق تشارك دون أدنى تحضير، ولاعبون يخاطرون بحياتهم ليلعبوا، وحكام يؤدون واجبهم بأدنى الأجور، ومدربون وإداريون، وثُلّة من المحبين، كلّهم يشكلون حلقة مترابطة لإنجاح دوري كرة القدم، الذي يصر اتحاد اللعبة على إقامته ويشاطره المكتب التنفيذي في اقتسام الهم والكلف المادية التي تساعد الفرق في مسيرتهم بالدوري.
دوري مضغوط
فرضت الأزمة على الجميع الانصياع إلى إقامة المباريات بطريقة مضغوطة وسريعة جداً حفاظاً على استمراريته، دون أي انزلاق قد يعرض أياً كان للخطر، فكان لابد من جدول سريع ومضغوط، وأعتبره البعض «مسلوقاً» ولكنه لبّى العديد من المتطلبات، خصوصاً في الوقت الذي كان فيه الفيفا يتربص بنا لإلغاء المسابقة، بعد أن حرم منتخباتنا وأنديتنا من اللعب على أرضنا وبين جمهورنا فكان هذا الإجراء..!
دوري بلا نجوم
ربما يكون العنوان الفرعي قاسياً لدوريّ كروي، لكنها الحقيقة.. فقد هاجر غالبية نجومنا إلى الخارج، بحثاً عن الرزق، كونهم يعتاشون من كرة القدم، وتفرقوا في بقاع الأرض يلعبون، مما جعل المباريات بلا وهجٍ ولا حرارةٍ ولا فنياتٍ عالية المستوى، وفي إحصائية ليست رسمية، بلغ عدد اللاعبين الذين يلعبون خارج سورية حوالي مائة لاعب، كانوا يشكلون نواة فرقهم، ولكن ما يشفع لنا أنهم أثبتوا في الغربة نجوميتهم، وبقي اسم سورية يلمع في غالبية الملاعب العربية والقارية.
رب ضارة نافعة..!
هجرة النجوم في ظل الأزمة، دفع إلى الملاعب دماءً جديدة شابة، ما كانت لتأخذ فرصتها باللعب، لولا الفراغ الذي تركه المهاجرون، وفعلاً برزت أسماء جديدة، قادت فرقها بمهارة عالية، وقدمت نفسها كما يجب، والأمر نفسه ينطبق على المدربين، وهناك من يحاول المقارنة بين مستوى المغادرين والمتواجدين.. لكن المقارنة ظالمة بكل المقاييس، وهناك من يلقي اللوم على من غادر، إنما للإنصاف أقول: إن الأندية لم تعد قادرة على تغطية نفقات لاعبيها، وحتى الموجودين حالياً يلعبون برواتب رمزية، قياساً إلى غلاء المعيشة والتكاليف المترتبة عليهم كلاعبين.
فاكهة الدوري
للأسف يغيب عن ملاعبنا الشيء الأهم ألا وهو الجمهور، الجمهور الذي ترك مقاعده مكرهاً وخوفاً من أي فاجعة، في ظل المخاوف التي قد تحدث، مما أثر على حماسة وإثارة المباريات ولكن ثلة من المتابعين والمحبين يملؤون الملعب حرارة، حتى لو لم يتجاوز عددهم الخمسين شخصاً، لكننا نعتب أحياناً على أهل اللعبة والقائمين عليها، الذين يغيبون عن عرسهم وهم المعنيون به، مما يطرح علامات الاستفهام والتعجب..!؟
المستوى في خبر كان
يتساءلون عن المستوى والأداء في غالبية المباريات، التي تأتي مجرد ركض ونقل للكرة، وهنا لابد من الإنصاف أيضاً، أن غالبية الفرق لعبت في هذا الموسم أو المواسم السابقة دون تحضير يذكر، وربما فرق العاصمة والساحل هي من استعدت جيداً ومع ذلك لم تقدم ما يوحي بالمستوى المتميز..؟ ويبقى لضعف الإمكانيات وقلة الموارد المالية دور كبير في ذلك، وأن المكتب التنفيذي قدّم ما بوسعه لمساعدة الفرق مادياً وفي الإقامة والملاعب، وتبقى عادة «مد يد العون للمقربين» للمساعدة دارجة، في ظل الأزمة، مع أنها كانت مزدهرة قبلها، لغياب التشريعات اللازمة للاستثمارات وتأمين العوائد المادية للأندية بشكل صحيح..!
الكل فائز
زحمة الفرق في دورينا بات لها ما يبررها مع أنه «في أيام عزه» لا يحتمل هذا العدد الكبير (18 فريقاً)، وكان لموضوع عدم الهبوط في الموسمين السابقين أثر على ذلك، وربما تعود الأمور إلى نصابها يوماً ما، في حال عادت الأمور طبيعية.
لابد من القول في الختام: إن الكل سيكون فائزاً، في دوريّ كروي يقام بظروف صعبة جداً، ولابد من رفع القبعة لمن يساهم في تسيير دفة المباريات، من حكام ولاعبين واتحاد لعبة ومكتب تنفيذي، آملين في الوقت ذاته أن يتم الاستفادة من الدوري بشكل أو بآخر، وأن يتم خلال فترة (الركود) هذه، وضع استراتيجية تعنى بالنهوض باللعبة بشكل عام، ودراستها بشكل معمق، ريثما تحين الفرصة لتنفيذها بعد أن غابت عنا استراتيجية العمل طوال عقود ثلاثة ونيف..!؟