هل«الخبز» إلى الارتفاع قريباً..؟ تحذيرات من خطط لرفع الدعم الحكومي «نهائياً»

هل«الخبز» إلى الارتفاع قريباً..؟ تحذيرات من خطط لرفع الدعم الحكومي «نهائياً»

انتقد الشارع السوري بشدة قرار الحكومة الأخير برفع أسعار المحروقات من مازوت وبنزين، معبرين عن «استيائهم» من التوقيت الذي جاء فيه القرار وخاصة أنه أتى مع قدوم فصل الشتاء، حيث يتقدم المواطنون للحصول على الكمية المخصصة لهم من مازوت «التدفئة».

ووفقاً للشكاوى التي وردت إلى «قاسيون»، فإن توقيت صدور قرار رفع أسعار البنزين والمازوت قبل عطلة عيد الأضحى التي امتدت حوالي 9 أيام، انعكس سلباً على جميع مناحي الحياة خلال عطلة الجهات الرسمية وبعدها، فقد ارتفعت مختلف أسعار السلع والمواصلات بشكل «جنوني»، في ظل عدم وجود أي رقابة صارمة.

 

خطورة التوقيت والنوع

وتأتي خطورة رفع سعر المازوت خاصة، من أنه يدخل كمادة أساسية في تشغيل المعامل وجميع المنشآت التجارية والصناعية الخصاة والعامة، بما فيها المخابز الحكومية، وهنا كانت الشكوك تدور حول احتمال رفع أسعار الخبز المدعوم من الحكومة أكثر من السعر الحالي الذي طاله رفع سابق من 15 ليرة إلى 25 ليرة بحجة ارتفاع سعر القمح عالمياً.

وعدا عن ذلك، فقد أضحى المواطن السوري مضطراً إلى دفع سعر مخصصاته من مازوت «التدفئة» وفقاً للتسعيرة الجديدة، وكأن القرار كان مقصوداً بهذا التوقيت.

وسائل النقل التي كانت سابقاً قد استغلت شح المادة، لرفع تعرفة الركوب، قامت مؤخراً برفع التعرفة من جديد لتصل إلى 35 ليرة للسرافيس العاملة على البنزين، و25 و30 ليرة للسرافيس العاملة على المازوت، بحجة ارتفاع أسعار المحروقات رسمياً.

 

الشركات ومخالفة القانون

وبقيت باصات النقل الداخلي، خارجة عن القانون كما كانت سابقاً، ووضعت الشركات قصاصات ورقية في باصاتها حددت بموجبها تعرفة الركوب بـ35 ليرة سورية، ضاربة بعرض الحائط قرار محافظة دمشق الأخير بتحديد تعرفة الركوب بها بـ25 ليرة.

ويشار إلى أن شركات النقل الداخلي بدمشق كانت تتقاضى 25 ليرة كتعرفة ركوب فيها عندما كانت التعرفة المحددة رسميا ً بـ20 ليرة، وذلك دون أدنى رقابة أو فرض عقوبات رادعة.

ورفعت محافظة دمشق تعرفة الركوب لخطوط النقل الداخلي العاملة على المازوت من باصات وميكروباصات في مدينة دمشق 5 ليرات سورية عن التعرفة السابقة، وذلك استناداً إلى رفع سعر لتر المازوت مؤخراً من 60 إلى 80 ليرة.

وجاء قرار الرفع على الشكل التالي: من 15 إلى 20 ليرة بالنسبة للخطوط القصيرة دون 10 كم، ومن 20 إلى 25 ليرة للخطوط الطويلة فوق 10 كم.‏

وأصدر المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دمشق قراراً يتضمن تعديل قرار تعرفة جزء الخط الطويل من 15 إلى 20 ليرة وتعرفة كامل الخط 25 ليرة، وتعرفة الركوب لباصات الشركة العامة للنقل الداخلي لتصبح 19 ليرة للخطوط القصيرة و25 ليرة للخطوط الطويلة.‏

 

عدادات «التكاسي» محررة

رئيس فرع المرور بدمشق، العميد حسين جمعة، أكد بأنه يتم العمل حالياً على طباعة تعرفة الركوب الجديدة لتوزيعها على وسائل النقل العامة بدمشق، وذلك «لعدم ترك أي حجة أمام السائقين برفع التعرفة»، متوعداً باجراءات صارمة ضد المخالفين، لكنه أكد في ذات الوقت بأن المخالفة يجب أن تنظم بشكوى مقدمة من قبل أي مواطن شخصياً سواء لشرطي المرور أو الفرع، بشرط تقديم رقم المركبة المخالفة واسم المشتكي.

وحول عدادات التكاسي التي أهملها السائقون مؤخراً، وباتت أجرة التنقل بها تعتمد على «مبازرة» الزبون والسائق، قال جمعة «إن محافظة دمشق أوجدت مكاناً مخصصاً على اتوستراد درعا لتعديل العددات»، مشيراً إلى أنه «سيتم تفعيل ورشة العدادات لإعادة برمجتها وفق التسعيرة الجديدة كون اللصاقة التي يتم وضعها حالياً داخل التكاسي لاحتساب الأجرة وفقاً لما يظهر على العداد تحتاج لعمليات حسابية لا تروق للكثيرين».

 

تعمل رغم فسخ عقودها!

وعن مخالفة باصات النقل الداخلي، قال جمعة إن «رفع التسعيرة فيها يكون من قبل السائق» رغم أن ذلك غير دقيق، كون الشركات تعمم لصاقات موحدة على باصاتها تحدد التعرفة المخالفة علناً التي تريدها هي.

وأكد جمعة أنه لا يمكن توقيف الباص المخالف واحتجازه بحجة «عدم إصابة المصلحة العامة بالضرر نتيجة قلة عدد الباصات في دمشق»، مشيراً إلى «وجود شركات غير مرخصة أو عقودها منتهية لكنها مازالت تعمل في دمشق لذات السبب» على حد تعبيره.

 

المخالفة لا تطال الشركات!

وأشار جمعة إلى أن «مخالفة باصات النقل الداخلي لا تؤدي إلى مخالفة الشركة ككل»، مؤكداً أن «المخالفة تنظم فقط بحق السائق وتتم مراسلة الشركة بذلك».

ونوّه رئيس فرع مرور دمشق إلى وجود «خطة للإقلاع بباصات النقل الداخلي العامة المتوقفة حالياً، وإيجاد باصات جديدة لرفدها إلى الخطوط»، مضيفاً أنه «هناك 800 باص وسرفيس فقط يعملون داخل حدود مدينة دمشق لتخديم أكثر من مليون مواطن».

 

خطط غير مدروسة

وفي سياق آخر، انتقد الخبير الاقتصادي عمار يوسف خطط الحكومة برفع الأسعار بشكل عام، ورفع أسعار البنزين والمازوت بشكل خاص مشيراً إلى أن «قرارات رفع أسعار المحروقات أدت إلى مضاعفات الأسعار وارتفاعها بين 50-60 %»، وقال إنه «كان من الأجدى بالحكومة أن تجد مواد أخرى غير المازوت والبنزين لرفع أسعارها، كون هذه المواد تنعكس على جميع مناحي الحياة».

 

اختيار العطلة «ليس بريئاً»

وحذّر يوسف من وجود نية للحكومة «بإلغاء الدعم لكافة المواد بشكل نهائي»، مشككاً باعتماد الحكومة توقيت رفع أسعار المازوت والبنزين قبل عيد الأضحى, قائلاً «إن اختيار هذا التوقيت خطير جداً».

وتابع إن «رفع الأسعار قبل عطلة عيد الأضحى التي امتدت أكثر من أسبوع، أخرج من يد الحكومة أي إمكانية للتدخل بالأسعار, والتوقيت مقصود 100 %, و لا يمكن أن يكون بريئاً لأنه ثبت سعراً معيناً لمدة 10 أيام في العطلة».

 

الخبز قريباً خارج الدعم

وتوقع الخبير الاقتصادي «إلغاء الدعم الحكومي للمواد المقننة بأي لحظة، لأن مصطلحات الحكومة لها طبيعة خاصة ومدروسة للمستقبل وتمهّد للمواطن لإلغاء الدعم».

وطالب بأن «لا تكون خطوات الحكومة انفعالية، ودون ادخال مصطلحات جديدة»، متوقعاً أيضاً رفع سعر ربط الخبز من جديد بعد رفع سعر المازوت.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن «العائلة السورية المكونة من 5 أفراد تحتاج للأكل والشرب فقط دون ملبس وتدفئة وضرائب وغير ذلك، إلى 50 ألف ليرة سورية في الشهر».

وحذر يوسف من إطلاق الحكومة لمصطلح «مبدأ عقلنة الدعم» قائلاً إن «ذلك يعيدنا إلى الحكومات السابقة وخاصة حكومة عبدالله الدردري التي دمرت الاقتصاد السوري»، وتساءل: هل مبدأ عقلنة الدعم للحكومة الحالية هو تمهيد لإلغاء الدعم؟، وهل كنا مجانين طيلة هذه المدة السابقة لنقول إنه حان الوقت لعقلنة الدعم؟