الإنفاق العسكري: شرق آسيا إلى الواجهة

الإنفاق العسكري: شرق آسيا إلى الواجهة

تشير التقارير الصادرة عن أكبر معاهد الدراسات الاستراتيجية مثل «معهد استوكهولم للسلام» و«المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» إلى ارتفاع واسع في معدلات الإنفاق العسكري في آسيا، وتحديداً في شرقها «الصين - اليابان - الفلبين - سنغافورة.. إلخ».

تنظر التغطية الإعلامية الغربية إلى ذلك الارتفاع من باب تجديد وتحديث القوى الدفاعية لا غير، وتُذكّر دوماً أن الأكثر إنفاقاً هم الصينيون وبالتالي، فمن حق الدول المجاورة أن تحتاط وتحذر من «الوحش» الصيني «اللاديمقراطي» والمرتبط بروسيا.

رؤية من زاوية الأرقام والنسب

وفق أرقام الدراسات والتصريحات الرسمية: انخفضت معدلات الإنفاق العسكري في الغرب «الولايات المتحدة الأمريكية - بريطانيا - فرنسا.. إلخ» خلال الأعوام الثلاثة الماضية إذ وصلت تلك المعدلات في بريطانيا وفرنسا إلى أقل من «- 5%» وسطياً في الفترة الممتدة بين عامي 2010 - 2014، وانخفض الإنفاق العسكري في الولايات المتحدة من 1000 مليار دولار في عام 2008، إلى أقل من 660 ملياراً في 2012، وإلى أقل من 600 ملياراً حتى نهاية 2013، بتراجع نسبته «- 6%».

وفي المقابل، كانت نسب الإنفاق العسكري ترتفع في دول شرق آسيا، حيث استفادت تلك الدول من ارتفاعات معدلات نموها بفضل توجه العديد من الاستثمارات الأجنبية إليها بسبب الأزمات الاقتصادية في أوروبا تحديداً، والغرب عموماً منذ أعوام 2009 - 2010.

أما عن نسب الإنفاق، فقد حققت إندونيسيا في عام 2012 معدلات نمو اقتصادي تعادل وسطياً مجمل ما حققته من عام 2003 إلى عام 2012، وبالمقارنة بين هاتين الفترتين، ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة «50%» ليبلغ 7.7 مليار دولار عام 2012، ثم ارتفع لأكثر من 8 مليارات دولار عام 2013، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معدل الإنفاق الحكومي على باقي القطاعات الرئيسية قد انخفض إلى «4%» في الفترة الواقعة بين عامي 2012 - 2013، بعد أن كان قد بلغ «9.1%» عام 2008، أي أنه انخفض بنسبة تزيد عن النصف، ومن هنا يتضح تماماً الميل الكبير للتركيز على الإنفاق العسكري.

وبلغ الإنفاق العسكري في ماليزيا ذروته عام 2008 ليبلغ حوالي 5 مليار دولار، في الوقت الذي بلغ معدل الإنفاق الحكومي «6.8%» في العام ذاته، ليعود وينخفض بعدها إلى حوالي 4.4 مليار في الفترة الممتدة بين عامي 2010 – 2012، ثم ارتفع مجدداً إلى أكثر من 5 مليارات في عام 2013. وفي المقابل، انخفض الإنفاق الحكومي بشكل كبير ليبلغ نسبة «5.1%» عام 2012، وأقل من «4.5%» عام 2013.

 

الفلبين واليابان.. وأولوية التسلح

حقق الإنفاق على التسلح في الفلبين رقماً قياسياً عام 2011، إذ بلغ وسطي ذلك الإنفاق بين أعوام 2003 - 2010 أقل من 1.1 مليار دولار، ثم وصلت تكلفة التسلح في عام 2011 إلى أكثر من 2.5 مليار دولار، أي بارتفاع يزيد عن الضعف، مع أن نسب النمو الاقتصادي لم تزد وسطياً عن «5%» ومعدلات الإنفاق الحكومي عن «4.5%» خلال الفترة ذاتها.

أما اليابان، فقد شكلت هي الأخرى مفاجأة في الأعوام الماضية على صعيد الإنفاق العسكري، إذ كان وسطي معدل هذا الإنفاق بين عامي 2003 - 2009 لا يتجاوز «1%»، أي حوالي 35 مليار دولار سنوياً، لكن ومنذ عام 2010 أخذت اليابان بفتح ملفات تقاسم المياه الإقليمية مع الصين، وعملت على توتير العلاقات معها في ظل تدخل أمريكي ضمني ومعلن، يهدف لدفع الصين إلى التورط في صراعات إقليمية منهكة. وفي ظل هذا الواقع، بلغ الإنفاق الياباني على التسلح أكثر من 57 مليار دولار وسطياً بين عامي 2010 - 2012 بزيادة قدرها «60%» تقريباً بالمقارنة مع هذا الوسطي في عام 2010. لتصل اليابان إلى المرتبة الخامسة دولياً من حيث الإنفاق العسكري بعد بريطانيا وروسيا والصين والولايات المتحدة التي تحتل المركز الأول.