لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي!

لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الخارجي!

أثارت الأحداث المتفرقة التي جرت خلال الأيام الثلاثة الماضية مخاوف السوريين وقلقهم، وأعادت إحياء أشباح الماضي القريب الذي سادت فيه وحوشٌ من تجّار الحرب والطائفية الذين تغذّوا طويلاً على الدم السوري.


مع ذلك، فإن آمال السوريين ورغبتهم في الانعتاق وفي الهدوء والأمان والبناء، هي الأكبر وهي الأقوى وهي التي ستنتصر في نهاية المطاف.
لتحقيق ذلك لا بدّ من تعاونٍ واسعٍ بين السوريين يتضمن الأمور التالية:
أولاً، نبذ كل أنواع الخطابات الطائفية والتحريضية وعزل أصحابها، ابتداءً من الحارة والشارع، ووصولاً إلى الساحة الوطنية العامة.
ثانياً، تشكيل لجان سلم أهلي في كل المناطق، تكون مكوَّنة من أشخاص معروفين بحكمتهم ورجاحة عقلهم واحترام الناس لهم.
ثالثاً، على قيادة العمليات العسكرية، وعلى الحكومة المؤقتة أن تسارع في العمل على أمرين بالتوازي؛ إعادة عمل أجهزة الشرطة في كل المحافظات، وتسريع خطوات الحوار الوطني الشامل الحقيقي الذي يضم كل أطياف المجتمع، وبالدرجة الأولى أطيافه السياسية العابرة للقوميات والطوائف والأديان، تمهيداً للمرحلة الانتقالية.
رابعاً، ينبغي عزل ونبذ كل دعوات التدخل الخارجي، بما فيها دعوات «تدخل قوات عربية»، لأن هذه الدعوات تعني بالجوهر إعادة وضع مخطَّط تقسيم سورية على الطاولة من جهة، وتعني من جهة أخرى تكرار تجربة السنوات الماضية، عبر الانتقال من الداخلي إلى العربي ثم الدولي، وإعادة سورية لتكون مكاناً لصراع دولي طويلٍ ومرير... وبكلمة، فإن الدعوة لتدخل قوات عربية يعني إعادة إنتاج الكارثة من جديد، ولذا يجب الوقوف ضدّها بكل حزم.
خامساً، ينبغي عدم الانزلاق للانقسامات الثانوية تحت عناوين «علماني» و«إسلامي»، والتركيز على المهام الكبرى ذات الأولويّة القصوى في هذه المرحلة، وهي:
1-  بناء جيش وطني واحد موحّد لكل البلاد، تنحصر فيه وحده مهمة حمل السلاح، بالتوازي مع جمع السلاح المتفلّت.
2-  ضبط الأمن وتحقيق الأمان الاجتماعي، وبالتعاون مع الناس بالدرجة الأولى والثانية والثالثة، وعدم الانزلاق إلى «الحلول الأمنية» التي سبق أن جربها النظام وأودت بالبلد إلى الجحيم.
3-  التحضير السريع للحوار الوطني الشامل، والتأكد من ضمّه لأوسع طيف من القوى السياسية الوطنية إضافة إلى الزعامات التقليدية بمختلف أشكالها، تمهيداً لرسم المرحلة الانتقالية، والتي ستتضمن دستوراً وقانون أحزاب وقانون انتخابات ثم انتخابات.
4-  التركيز على حل جزء من المشكلات الكبرى في الوضع الاقتصادي والمعيشي، وعلى رأسها مشكلة الكهرباء والمحروقات، وذلك عبر التعاون مع الدول المستعدة لتقديم المساعدة دون شروط سياسية.
5-  التمهُّل والتبصر والحكمة في عمليات التغيير، بما في ذلك بما يخص موظفي جهاز الدولة، وعدم الانجرار إلى عمليات تغيير فوضوية تضر بالمجتمع وبجهاز الدولة معاً، وترك هذا النوع من الإجراءات للمرحلة الانتقالية، وضمناً ترك مسألة هوية الاقتصاد ليقر؟ِرها السوريّون بأنفسهم وبما يصب في مصلحتهم ومصلحة بلادهم.

آخر تعديل على الخميس, 26 كانون1/ديسمبر 2024 16:27