اتفاق صيني هندي… ثمرة جديدة لقمّة قازان

اتفاق صيني هندي… ثمرة جديدة لقمّة قازان

أطلقت قمة أعمال دول بريكس الأخيرة، التي احتضنتها قازان الروسية، جملةً من  القضايا الواسعة والمتشعبة، وعند الحديث عن قمة رفيعة المستوى مثل قمة قازان نجد أنفسنا مجبَرين، إذا ما أردنا فهمها بشكلٍ عميق، أن نبحث لا فقط بالمخرجات الأساسية، بل أيضاً أن ننظر إلى كل ما جرى على هامش القمة، فالبيان الختامي والأوراق الأخرى العديدة الصادرة عن «بريكس» تركز على القضايا الأكثر عمومية، بينما يجري وراء الكواليس تقدم في عدد من المجالات الملموسة.

في هذا السياق عقدت أثناء القمة عشرات اللقاءات الثنائية كان من أبرزها لقاء صيني-هندي على أعلى المستويات، هو الأول من نوعه منذ خمس سنوات، سبقه لقاءان عرضيّان سريعان، الأول على هامش قمة العشرين في إندونيسيا عام 2022، والثاني على هامش قمة بريكس في جنوب أفريقيا في 2023.

 

في معاني اللقاء

تعتبر العلاقات المتوترة بين العملاقين الهندي والصيني واحدةً من أخطر التحديات التي تواجهها المجموعة، إذ إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى اشتباكات حدودية خطيرة بين الكتلتين البشريتين الأهم في «بريكس» ما يجعلهما يشكلان الأسواق الأوسع فضلاً عن مزاياهما الصناعية والتجارية، وكان توتر العلاقات مسألة شائكة وخصوصاً في ظل روابط الهند مع الولايات المتحدة التي ورطت نيودلهي في ما يشبه تحالفاً عسكرياً يستهدف الصين ضمن مجموعة «كواد» التي تضم إلى جانب الهند والولايات المتحدة كلاً من أستراليا واليابان، وهو ما أسهم في زيادة تعقيد العلاقات الثنائية الهندية-الصينية، لكن «بريكس» عملت بشكلٍ حثيث على تلطيف الأجواء عبر إشراك البلدين بمناورات عسكرية غير مباشرة، ولقاءات إضافية ركّزت على رأبِ الصدع بين اثنين من قوى «بريكس» الأساسية.

 

ما الجديد؟

نقلت وكالات الأنباء عن الرئيس الصيني شي جين بينغ تصريحات أثناء اللقاء قال فيها: إن «المصلحة الأساسية للهند والصين وشعبيهما تقتضي بأن يصلا لفهم عميق لمسار التاريخ ومسار تطور علاقتهما»، وأضاف أنّه يتعين على الجانبين تعزيز التواصل والتعاون، وإدارة الصراعات والخلافات على نحو صحيح، وتحقيق أحلام التنمية لدى كل منهما، كما دعا الرئيس الصيني الهند إلى تحمّل مسؤوليتها الدولية ما يسمح للبلدين أن يكونا «قدوة للدول النامية» وتحديداً عبر «الإسهام في تشجيع عالم متعدد الأقطاب».

وفي سياقٍ متصل، أُعلن عن اتفاق ثنائي بشأن الحدود المتنازع عليها وقالت نيودلهي إنها أبرمت اتفاقاً مع بكين بشأن الدوريات العسكرية على طول خطوط التماس والتي تشكّل جزءاً من حدود برية شاسعة تصل إلى 3500 كم. وكان المتحدث باسم الخارجية الصينية أكّد عقب اللقاء أن البلدين حافظا في المدة الأخيرة على اتصالات وثيقة بشأن القضايا المتعلقة بالحدود الصينية الهندية من خلال القنوات الدبلوماسية والعسكرية وهو ما أفضى للاتفاق المعلن.

وأكدت صور للأقمار الاصطناعية جرى تداولها في اليومين الماضيين أن البلدين بدأا بالفعل في تفكيك المنشآت الضخمة وإبعاد الآليات العسكرية المتواجدة في المنطقة المتنازع عليها في جبال الهيمالايا والتي تبلغ نحو 60 ألف كم2 وهو ما يمكن أن ينهي الصدام الحاصل منذ أربع سنوات.

إن نجاح «بريكس» في تأمين إطار لحل توافقي بين  البلدين من شأنه أن يذلل واحدة من أعقد الخلافات في العلاقات البينية بين دول المجموعة، ويزيد على هذا الأساس من لياقتها في سياق تنفيذ النقلات الضرورية في الوقت المناسب دون إبطاء، هذا فضلاً عن أن وجود علاقات متوترة بين قوتين نوويتين من شأنه فرض حالة من التوتر في دائرة تتجاوز الهند والصين.