حول مرسوم طبيعة عمل أطباء الدراسات
صدر بتاريخ 4/9/2024 مرسوم يقضي بمنح أطباء طلاب الدراسات العليا في كليات الطب تعويض طبيعة عمل قدره 100% من أجر بدء التعيين للشهادة التي قبلوا على أساسها في الدراسات العليا بتاريخ أداء العمل، ويشترط لمنح هذا التعويض القيام بالعمل الفعلي في المشافي والمراكز الصحية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
لا شك أن الأطباء طلاب الدراسات العليا في كليات الطب العاملين في مشافي وزارة التعليم العالي ومراكزها الصحية من حقهم الحصول على التعويض أعلاه أسوة بالأطباء العاملين والمتعاقدين في المشافي والمراكز الصحية العامة، وكذلك فإن نسبة التعويض 100% تعتبر مقبولة بمقاييس التعويضات الرسمية المطبقة، لكن المشكلة الأساسية القائمة والمستمرة تتمثل بالأجر الهزيل نفسه الذي تحسب على أساسه التعويضات، بحيث تبقى متواضعة وهزيلة مهما بلغت نسبتها!
فالرسميون ما زالوا مصرّين على عدم معالجة المشكلة من جذورها عبر زيادة الأجور، بحيث تكفي لتغطية ولو الحد الأدنى لمتطلبات الحياة الكريمة للعاملين بأجر، بمختلف مسمياتهم الوظيفية ومواقع عملهم، ويلجؤون لهذا الشكل الترقيعي من المعالجة عبر متممات الأجر، كالتعويضات والحوافز وغيرها، والذي لا يسمن ولا يغني من جوع!
أما الملفت فهو أن المرسوم، بموجب المادة /4/ منه، حدد صرف النفقة الناجمة عن تطبيقه من موازنات الجامعات المسجلين فيها!
بمعنى آخر فإن موازنات الجامعات فُرض عليها تحمل كتلة إنفاق مالية جديدة تضاف إلى نفقاتها المتزايدة، مع ما يعنيه ذلك من عجز إضافي في موازناتها من أجل تغطية النفقات على ضروراتها ومستلزماتها الكثيرة!
على ذلك فإن الجامعات ستسجل المزيد من التراجع على مستوى تأمين متطلبات ومستلزمات العملية التعليمية فيها، أي المزيد من التراجع في العلمية التعليمية نفسها، ومقابل ذلك ستلجأ للبحث عن زيادة إيراداتها لتغطية جزء من عجز نفقاتها المتزايدة، وهذه وتلك ستكون على حساب الطلاب!
فاستمرار تراجع العملية التعليمية يدفع ضريبتها الطلاب كمتضررين مباشرين منها!
وزيادة الإيرادات ستكون غالباً من خلال استهداف جيوب الطلاب، كمصدر جباية وتمويل سهل ومتاح، كما جرت العادة، على حساب معيشتهم وضروراتهم الحياتية مع أسرهم!
والأمر على هذا النحو هو تكريس لتراجع الدولة عن مهامها ومسؤولياتها وواجباتها، مع الإصرار على تكريس ظلم السياسات الأجرية المتبعة، بالإضافة الى تكريس سياسات تخفيض الانفاق العام وإنهاء الدعم، وطبعاً كل ذلك على حساب المواطنين وبالضد من المصلحة العامة!