تقليص الدين الحكومي الأمريكي
أشار جيمس ديمون مدير عام البنك الأمريكي المعروف JPMorgan Chaseفي بداية هذا العام إلى أن الولايات المتحدة تتجه نحو الهاوية بسبب ارتفاع الدين السيادي. وأضاف ديمون: «إنها الهاوية، نحن نرى وجود الهاوية. ولا تزال تفصلنا عنها عشر سنوات تقريباً».
وارتفع الدين السيادي الأمريكي خلال رئاسة جو بايدن إلى مستوى غير مسبوق قدره 34.4 تريليون دولار من 28 تريليون دولار في عام 2021، عندما تولى بايدن منصب رئيس الدولة. في الوقت الذي حذر فيه مكتب مراقبة الميزانية بالكونغرس الأمريكي فيليب سواغل من صدمة للسوق في البلاد بسبب الدين العام الهائل، مشيراً إلى أن هناك «إمكانية لحدوث بعض التغييرات التي تبدو متواضعة، أو ربما تبدأ متواضعة ثم تصبح أكثر خطورة، لتكون لها تأثيرات كبيرة على أسعار الفائدة، وبالتالي على المسار المالي».
وقد توقع رئيس البنك الدولي السابق ديفيد مالباس أنْ يؤدّي الدين القومي الأمريكي الضخم والإنفاق المفرط من قبل الحكومة الأمريكية إلى كارثة مالية للولايات المتحدة بحلول عام 2025.
وكما توقع صندوق النقد الدولي، فإنّ الدين القومي الأمريكي في عام 2024 سيتجاوز 123% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وسيستمر في النمو خلال السنوات التالية، ليصل إلى مستوى 134% تقريباً في عام 2029.
فيما اقترح مشرّعون أمريكيون على الكونغرس خطّة لحل مشكلة ارتفاع التضخم وضعف الدولار تتضمن إلغاء قانون عام 1913 الذي أسّس نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ومجلس المحافظين.
واقترح هذه الخطة النائب الجمهوري توماس ماسي، ووقع عليها 20 عضواً في الحزب الجمهوري بمحاولة لتبديد قلق واشنطن إزاء مخاوف التضخم، مشيراً إلى أنّ سياسة الوزارة أدت إلى «انخفاض قيمة الدولار وأثارت التضخم».
ووضّح ماسي: «خلقوا بذلك تريليونات الدولارات دون رصيد ومن لا شيء وأقرضوها لوزارة الخزانة لدعم إنفاق غير مسبوق في الميزانية».
وخلص إلى أنّ النتيجة كانت في حدوث عجز كبير في الموازنة كما انخفضت قيمة مدّخرات المتقاعدين في حين يعاد توزيع الثروة لصالح «الذين في السلطة وذوي العلاقات».
وتم الاستماع إلى الشكاوى ضد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لفترة طويلة وتشمل هذه القوة المفرطة، وتشويه أسعار الفائدة، والاستجابة «الخاطئة» للأزمات المالية وتوجّه الانتقاد إلى السياسة النقدية.
الجدير بالذكر أنّه من بين الأسباب الرئيسية أيضاً الدين العام الأمريكي، والعجز الحرج في الميزانية الأمريكية، واستخدام الدولار كأداة للضغط على الاقتصادات الكبيرة مثل روسيا والهند والصين. ونتيجة لذلك، تتحول هذه البلدان إلى المدفوعات بالعملات الوطنية. وبالقدر نفسه من الأهمية، فإنهم يشكّلون بذلك قدوة لدول أخرى.
وقد تحدَّثَ المحلل ستيفن مور عبر فوكس نيوز في حزيران الفائت قائلاً: وها نحن نعيد الكَرَّة مرة أخرى بعد 2008؛ إذ إنّ أحدث مخطط لإدارة بايدن هو تشجيع العائلات على اقتراض المزيد من الأموال باستخدام الأسهم الموجودة في منازلهم كضمان. ويبدو أنّ بايدن يريد «تحفيز» الإنفاق من خلال وضع المزيد من الأموال في أيدي المستهلكين حتى يتمكّنوا من الإسراع في إنفاقها قبل الانتخابات. يعتقد بنك أوف أمريكا أنّ عملية الاحتيال هذه يمكن أن تؤدّي إلى 1.8 تريليون دولار من قروض ملكية المنازل المؤمَّنة من قبل الحكومة.
وقد حذّرت مجلة The National Interestفي تموز الماضي من أنّ زيادة إنفاق الميزانية والدين العام يمكن أنْ يؤدّيا إلى مشاكل جدّية للغاية في الاقتصاد الأمريكي.
وشدّدت المجلّة على ضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي عن طريق وضع قواعد تحدّ منه، دون اتخاذ قرارات قاسية، وهو «ما سيوفر فرصة لإنقاذ مستقبل الولايات المتحدة الاقتصادي والحفاظ على مكانتها كدولة فوق عظمى. في حال ضربت السياسة المالية والدين العام إمكانات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة فستفقد الدولة الإمكانيّات الاقتصادية الضرورية لضمان القدرة الدفاعية العالية. وذكرت أنّ الإنفاق الممول بالاستدانة يقوم بتحويل العبء الضريبي من الأجيال الحالية إلى أجيال المستقبل، وبالتالي ستتحمّل الأجيال المقبلة تكاليف الإنفاق الحكومي الهدَّام الحالي.
وقال صندوق النقد الدولي، إنه يجب على السلطات الأمريكية أنّ تباشر في خفض الدين الوطني، لأنّ نموّه يهدد الاقتصادَين الأمريكي والعالمي بحلول عام 2032، لأنّه سيتجاوز 140% من الناتج المحلّي الإجمالي.
في الوقت الذي أعلن فيه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول عن ضرورة «القيام بشيء ما» والتحرك لخفض مستوى الدين الوطني العام في البلاد.
وقال في كلمته أمام منتدى البنوك المركزية إنه يريد تحقيق المزيد من التقدم في احتواء التضخم قبل أن يصل إلى القناعة الكاملة بقرار خفض الفائدة، محذّراً من التحرك المبكر لتخفيف السياسية النقدية. ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، فإنّ مستوى الدَّين العام الأمريكي يتجاوز بالفعل 34.7 تريليون دولار.
فيما حذّر صندوق النقد الدولي، من أنّ الولايات المتحدة تخاطر بمواجهة انخفاض مفاجئ في الطلب على سنداتها الحكومية بسبب عجز السلطات عن استعادة الاستقرار في المنظومة المالية الأمريكية.
وفي بداية الشهر الجاري حذَّر ماسك من أنّ الولايات المتحدة ستواجه مجاعة جماعية بسبب خطة هاريس لمكافحة ارتفاع الأسعار، ووصف تطور الوضع في قطاع الأغذية الأمريكي فيما لو بدأت هاريس تنفيذ برنامجها للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ حيث ستتوقف الولايات المتحدة عن الوجود كدولة، وسيعاني السكان الأمريكيون من جوع هائل، وستنهار صناعة الأغذية في البلاد بسبب انعدام الربحية.
يأتي ذلك بعدما كشفت هاريس، عن أجندتها الاقتصادية الخاصة، قائلة إنّها إذا فازت في الانتخابات، فإنها تخطط لفرض حظر فيدرالي هو «الأول على الإطلاق» للتلاعب في أسعار المواد الغذائية وسط ارتفاع التضخم. ونتيجة لهذا النهج، يواجه الاقتصاد الأمريكي انخفاضاً في المعروض من المنتجات ورفوفاً فارغة.
وقد أشارت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية إلى أنّ عجز الميزانية الأمريكية خلال رئاسة جو بايدن بلغ 6.6 تريليون دولار في أكبر عجز تسجّله البلاد.
ووفقاً للوزارة، بلغ هذا المؤشر 2.8 تريليون دولار عام 2021 بواقع 13% من الناتج الإجمالي. وعام 2022 انخفض الرصيد السلبي للميزانية إلى 1.4 تريليون دولار (6.3% من الناتج المحلي الإجمالي)، وعام 2023 ارتفع إلى 1.7 تريليون دولار (7.6% من الناتج المحلي الإجمالي). وفي الأشهر الستة من العام الجاري بلغ هذا المؤشر 758.2 مليار دولار (5.5% من الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي). وتغطّي الولايات المتحدة هذا العجز الضخم في الميزانية عبر زيادة الدين الحكومي، الذي تجاوز في تموز 2024 مستوى 35 تريليون دولار.
هذا وقد أعلن المرشح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب في التاسع عشر من الشهر الجاري عن عزمه تقليص الدين الحكومي الأمريكي. وتوقّعت إدارة الميزانية في الكونغرس الأمريكي أنَّ الدَّين الحكومي سيتجاوز الـ 50 تريليوناً في عام 2034، ما سيعادل أكثر من 122% من الناتج المحلّي الإجمالي الأمريكي.
وتتوقع الإدارة أيضاً أنْ تبلغ نسبة النمو السنوية خلال الفترة من 2029 إلى 2034 نحو 1.8%.. وتبيّن بيانات الأمم المتّحدة، أنّ الولايات المتّحدة باتت الدولة الرائدة في حجم الإنفاق على خدمة الديون السيادية بالنسبة للفرد الواحد.