مليونا بريطاني محرومون من الطاقة
رغم أرقام التقارير التي تشير إلى انخفاض مؤشرات التضخم في بريطانيا إلا أن المؤشرات المعيشية المباشرة تقول غير ذلك.
حيث أعلنت منظمة Citizens Advice على موقعها، أن أكثر من مليوني شخص سيحرمون من الطاقة حيث سيتم قطع الغاز والكهرباء هذا الشتاء، لأنهم لا يستطيعون وضع أموال في عداد الدفع المسبق الخاص بهم.
وقالت المؤسسة الخيرية إن الغاز والكهرباء انقطعا عن 1.7 مليون شخص مرة واحدة على الأقل شهرياً في العام الماضي، وأعربت عن قلقها من أن عدم وجود غاز وكهرباء لن يكون تجربة "لمرة واحدة" بالنسبة للكثيرين.
فيما ظل حوالي 800 ألف شخص لأكثر من 24 ساعة دون غاز وكهرباء في عام 2023 لأنهم لم يستطيعوا زيادة قيمة ما يدفعونه للعداد.
وقد أعلنت (هيئة تنظيم أسواق الغاز والكهرباء) Ofgem أنها سمحت لموردي الكهرباء EDF و Octopus و Scottish Power بالعودة إلى تركيب عدادات الدفع المسبق (PPMs) بالقوة بعد حظرها مؤقتاً.
وقالت المؤسسة الخيرية إنها تتوقع أن يكون عام 2024 هو الشتاء الأكثر صعوبة بالنسبة للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف إعادة التعبئة.
فواحد من كل أربعة أشخاص لا يستطيع تحمل فواتيره الأساسية، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة Citizens Advice. واضطرت واحدة من كل عشر أسر إلى اقتراض المال خلال الأشهر الستة الماضية لتغطية فواتير الطاقة.
ووجد البحث الذي أجرته المؤسسة أن ما يقرب من نصف الأشخاص المدينين لمورد الطاقة الخاص بهم قاموا بإطفاء التدفئة في منازلهم. فيما يعيش ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص ضمن أسرهم التي تقوم بتقليص عدد وجبات الطعام، أو أنهم خفضوا الإنفاق على الطعام، أو باعوا أو رهنوا ممتلكاتهم في العام الماضي لتوفير المال للحفاظ على دوران عداداتهم.
ووجدت المؤسسة أن نصف الأشخاص الذين يستخدمون عدادات الدفع المسبق والذين لديهم أيضاً أطفال دون سن الرابعة قد انقطعوا عن الخدمة في العام الماضي لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة زيادة رصيدهم، مقارنة بربع الأشخاص(23٪) الذين ليس لديهم أطفال.
قالت مؤسسة Citizens Advice إنها تود أن ترى إصلاحاً عاجلاً بشكل خصم لتدفئة المنازل، التي فشلت في مواكبة ارتفاع الأسعار ويجب زيادة الخصم وإتاحته لمجموعة واسعة من الأسر.
وتريد المؤسسة أيضًا أن تعمل الحكومة مع Ofgem لتطوير خطة عمل مشتركة للتعامل مع ديون الطاقة، بما في ذلك زيادة تمويل الدعم للمساعدة في تلبية الطلب المتزايد.
وقالت منظمة Citizens Advice إنها تشعر بالقلق بشكل خاص بشأن الأسر التي لديها أطفال دون سن الرابعة، والذين هم أكثر عرضة للديون ولأن يضطروا إلى قطع الكهرباء والغاز مقارنة بالأسر التي ليس لديها أطفال.
يعيش أكثر من خمسة ملايين شخص في أُسر مدينة لموردي الطاقة، مما يعرضهم لخطر تحصيل الديون وتحويلهم ليكونوا تحت رحمة عداد الدفع المسبق.
وهناك أرقام قياسية من المدينين لموردي الطاقة، والملايين الذين لديهم عدادات للدفع المسبق غالباً ما يبيتون دون تدفئة أو وجبات ساخنة لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة زيادة رصيدهم.
فلم تقدم الحكومة دعماً جدياً لفاتورة الطاقة للمحتاجين ولم يعد لديها الوقت لتطوير النهج طويل المدى الذي وعدت به بحلول نيسان 2024.
ويبدو أنه دون اتخاذ إجراءات فورية، فهناك مخاطر بإعادة تشغيل هذه الأزمة نفسها كل شتاء.
وقال متحدث باسم Ofgem: إنه يشارك مخاوف Citizens Advice بشأن مسألة ارتفاع الديون وانفصال العملاء ذاتياً عن إمدادات الطاقة الخاصة بهم وسط ضغوط تكلفة المعيشة الأوسع.
"لقد أدخلنا بالفعل قواعد أكثر صرامة للتأكد من أن شركات الطاقة تبذل المزيد من الجهد لاكتشاف معالم الصعوبات التي قد يواجهها العميل والتدخل لتقديم الدعم، بما في ذلك وضع خطط سداد ميسورة التكلفة وتوفير ائتمان طارئ لتقليل مخاطر الانفصال الذاتي".
فيما توفي زهاء 5000 شخص في المملكة المتحدة الشتاء الماضي بسبب العيش في منازل باردة ورطبة، حيث لم يتمكنوا من تحمل تكاليف الطاقة المتزايدة، وفقاً لتقرير صادر عن "تحالف إنهاء فقر الوقود". الذي حذر من أن الارتفاع في الوفيات يؤكد الحاجة إلى تحسين مخزون المساكن في المملكة المتحدة وتنفيذ تدابير لخفض فواتير الطاقة.
ويضم "تحالف إنهاء فقر الوقود" منظمة السلام الأخضر والصندوق العالمي للطبيعة والتحالف الأخضر ومنظمة إنقاذ الطفولة وغيرها.
وفي الوقت نفسه، كشفت دراسة أجرتها حملة Warm This Winter أن الوفيات ترتفع في الشتاء عندما تنخفض درجة الحرارة في المملكة المتحدة إلى أقل من أربع درجات مئوية.
وقال سيمون فرانسيس، منسق "تحالف إنهاء فقر الوقود"، إن نحو 8.3 مليون بالغ في المملكة المتحدة يعيشون في منازل سيئة العزل وباردة ورطبة، ومع انخفاض درجات الحرارة، تتحول الظروف من غير مريحة إلى "خطيرة تماماً".
وعقّب قائلاً: "بينما تكافح الأسر، يجلس الوزراء مكتوفي الأيدي ويتركون مسائل الحياة والموت للصدفة. وبدلاً من اتخاذ إجراءات بشأن فواتير الطاقة، سمحوا لشركات الطاقة باستئناف استخدام المحاكم لإجبار الأسر على استخدام عدادات الدفع المسبق، واستبعدوا الآن إصلاح تعريفات الطاقة لمساعدة من هم في أمس الحاجة إليها".
كما انتقد تقرير التحالف حكومة المملكة المتحدة لرفضها وضع خطة "المساعدة في السداد" لأولئك الذين يعانون من ديون الطاقة، وكذلك لعدم رغبتها في تنفيذ تعريفة الطاقة الطارئة المقترحة التي تهدف إلى خفض فواتير الطاقة للأسر الضعيفة.
في الوقت ذاته أعلنت شركة الطاقة الفرنسية "إي دي إف" تأجيل إطلاق مشروع محطة "هينكلي بوينت سي" للطاقة النووية في المملكة المتحدة حتى عام 2029 على أدنى تقدير، في ظل زيادة التكاليف. حيث أشارت الشركة الفرنسية إلى ارتفاع محتمل للتكاليف إلى 35 مليار جنيه إسترليني، وهو ضعف الميزانية الأولية. ويشكل ذلك ضغطاً إضافياً على الحكومة البريطانية التي قد تضطر إلى تقديم المزيد من الدعم المالي للمشروع.
وأفادت الشركة، بأن المشروع قد يتأجل حتى عام 2031، بسبب تعقيد تركيب الأنظمة الكهروميكانيكية والأنابيب في هينكلي.
وشهدت الطاقة النووية في المملكة المتحدة تراجعاً في العقود الأخيرة، وفي العام 2016، تم البدء في بناء محطة "هينكلي بوينت سي" وذلك لأول مرة منذ عشرين عاماً.
وفي ظل أزمة الطاقة المتفاقمة، أعلنت السلطات البريطانية عن خطط لبناء سبع محطات للطاقة النووية بحلول العام 2050 كجزء من الجهود الرامية إلى تطوير قدرات المملكة النووية.
حيث إنه وبعد انطلاق العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا، وسع الغرب من عقوباته على روسيا وتخلى عن موارد الطاقة الروسية.
كما أدى اضطراب سلاسل التوريد إلى ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والغذاء في أوروبا والولايات المتحدة، فيما أثر غلاء المعيشة على ملايين الأسر بالمملكة المتحدة.