آفاق واعدة لتصاعد التعاون الروسي الخليجي

آفاق واعدة لتصاعد التعاون الروسي الخليجي

كان الاجتماع الأخير بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي في موسكو لحظة فاصلة في تاريخ العلاقات بين المنطقتين. حيث مثّل الاجتماع، الذي حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست، خطوة مهمة إلى الأمام في تطوير شراكة استراتيجية بين روسيا والخليج.

وفقاً لتقديرات المحليين من الجانبين، كان الاجتماع في موسكو ناجحاً على جميع الصعد. حيث ناقش الجانبان مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الوضع في سورية واليمن والعراق، فضلاً عن مكافحة الإرهاب. كما اتفقا على التعاون في عدد من المشاريع الاقتصادية والطاقة.

وكانت أهم نتائج الاجتماع توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال الدفاع. حيث سيسمح هذا الاتفاق للجانبين بتبادل المعلومات والتكنولوجيا، وسيمهد الطريق لزيادة التعاون العسكري في المستقبل.

وكان الاجتماع في موسكو علامة واضحة على الأهمية المتزايدة للعلاقات الروسية الخليجية. حيث لدى الجانبين مصلحة مشتركة في تعزيز الاستقرار في المنطقة، الذي بات مرهوناً بتغيير النظام القديم في منطقة شرق المتوسط، وهو النظام الذي تحكمت به الولايات المتحدة لسنواتٍ عدة لضمان مصالحها أولاً على حساب مصلحة دول المنطقة.

الولايات المتحدة والغرب

كانت الولايات المتحدة والغرب القوتين المهيمنتين تقليدياً في المنطقة. ومع انخفاض نفوذهما في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وصعود روسيا والصين كلاعبين لا غنى عن التعاون معهما بالنسبة لدول المنطقة، يشعر الغرب بأن النظام الذي أداره قيد التهديد الفعلي.

لهذا، كان الاجتماع في موسكو علامة واضحة على المتغيرات التي تجري في منطقتنا. حيث لم تعد دول مجلس التعاون الخليجي راضية عن أن تكون بيادق في معارك الضرورات الغربية. لهذا، فإن هذه الدول تبحث عن شركاء جدد، بمواصفات محددة يجدونها اليوم في روسيا والصين، وأهم هذه المواصفات هو القدرة على التعاون انطلاقاً من الحفاظ على المصلحة الوطنية لكل دولة دون المساس بمصلحة الأخرى.

لهذا، من الصحيح أن تطوير الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والخليج هو ضربة للولايات المتحدة والغرب. لكن الأهم من ذلك هو التغير الذي يجري على طبيعة العلاقات في المنطقة، والانعطافات التي تجريها قوى فاعلة حتى الأمس القريب في مشاريع الغرب.

مستقبل العلاقات الروسية الخليجية

استناداً إلى ذلك، فإن مستقبل العلاقات الروسية الخليجية واعد بقوة. حيث لدى الجانبين مصلحة مشتركة في تعزيز الاستقرار في المنطقة. وسيتعين على الولايات المتحدة والغرب التكيف مع المتغيرات الجديدة في منطقة شرق المتوسط.

لهذا، نجد اليوم في صفوف المحللين الغربيين من يؤكد أن المنظومة الغربية سوف تحتاج إلى إيجاد طرق جديدة للتعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي، وسوف تحتاج إلى أن تكون أكثر استجابة لمخاوف هذه الدول. وهو الأمر الذي لا تقوى معظم القوى الغربية على القيام به، لأن هذه الاستجابة ستعني التخلي عن جزء من المكاسب التي اعتاد الغرب اغتنامها دون عناء، وهذا التخلي غير ممكن اليوم في ظل حالة الارتباك الشديد التي تعيشها هذه الدول، ولا سيما دول أوروبا التي تدفع فعلياً فاتورة الحرب الأمريكية في أوكرانيا اليوم.