بعد عامين... الحكومة تعوض عن كلّ شجرة زيتون بــ«بيضتين»!
خلال جلسته المنعقدة بتاريخ 16/8/2022 وافق مجلس الوزراء على «صرف مبلغ نحو 221 مليون ليرة سورية للتعويض عن الأضرار الزراعية نتيجة الحرائق الحاصلة في محافظة طرطوس لعام 2020 وفق أسس ومعايير تضعها وزارة الزراعة».
تأخُّر موافقة الحكومة لمدّة عامين، بحسب ما ورد في المضمون أعلاه، لا تنطبق عليه مقولة «في التأنّي السلامة»، بل هو مثال فاقع وفجّ عن كيفية تعاملها وتعاطيها اللامبالي مع المنكوبين من الكوارث!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
- كان عام 2020 عاماً ناريّاً بامتياز في محافظة طرطوس، كما في غيرها من المحافظات، ضمن مسلسل الحرائق السنوي الذي يطال الغابات والحراج والأراضي الزراعية.
- بحسب سانا بتاريخ 17/10/2020 فقد بلغ عدد الأسر المتضررة جراء الحرائق التي اندلعت ما بين 9-12/10/2020 في طرطوس /3,972/ أسرة، في حين تجاوزت المساحات المتضررة في المحافظة
- /12,242/ دونماً.
- بحسب تقرير محافظة طرطوس فإنّ العدد الكلّي للأشجار المتضرِّرة بلغ نحو /256/ ألف شجرة، أما عدد المداجن المتضرّرة فبلغ /7/ مداجن، و/69/ بيتاً محمياً، و/68/ خلية نحل.
- وتطرّق التقرير إلى الأضرار التي لحقت بالأنواع المثمرة التي تركّز معظمها في أشجار الزيتون، التي بلغ عدد المتضررة منها /231,805/ شجرة.
- وأشار التقرير إلى أن الحرائق التي شبّت في المحافظة خلال الفترة المذكورة بلغت 84 حريقاً توزّعت في مناطق طرطوس وصافيتا والشيخ بدر والدريكيش والقدموس وبانياس.
- وقد صرّح مدير زراعة طرطوس في حينه أنه تم تشكيل لجان لحصر الأضرار الزراعية والحراجية، لأنّ الخسائر كبيرة وخاصة في أشجار الزيتون.
- مبلغ 221 مليون ليرة المذكور أعلاه هو تعويض الأضرار المقدَّرة وفقاً لحسابات لجان حصر الأضرار بنتيجة الحرائق في عام 2020 كاملاً، وليس عن الأضرار الموصوفة في التقرير السابق عن بعض الحرائق فقط.
- فالأمر ليس محصوراً بتأخّر الموافقة الحكومية لمدّة عامين فقط، ولا بالهامش الزمني الإضافي بعهدة وزارة الزراعة كي تضع أسس ومعايير صرف التعويضات، ثم ليصار إلى البدء بعمليات الصرف، بل ويتعلق الأمر بعامل تآكل القيمة الشرائية لليرة خلال هذه المدة، والمشكلة الأهم هي في مبلغ التعويض الهزيل نفسه!
- ففي حال اقتصر التعويض على أشجار الزيتون المذكورة فقط، فإنّ الحصة التعويضية عن كل منها لا يتجاوز 1000 ليرة!
- وفي حال الحساب على عدد الأسر المتضرّرة، فإن حصة كلّ أسرة منكوبة من التعويض تقارب 55 ألف ليرة.
- إنّ مبلغ 1000 ليرة الآن قد يشتري بيضتَين فقط، ومبلغ 55 ألف ليرة بالكاد يغطي تكاليف معيشة أسرة لمدة يومين فقط!
فهل يمكن تسمية هذا المبلغ الهزيل تعويضاً للمنكوبين من كارثة الحريق بعد طول انتظار؟!
وهل من استهتار ولامبالاة رسمية أكثر من ذلك بحقوق العباد والبلاد؟!
فما سبق أعلاه هو أحد أشكال التعامل الرسمي، المعلن والفجّ واللامبالي، مع المنكوبين من الكوارث وفقاً لآليات الصرف التنفيذية الخاصة بصندوق الجفاف والكوارث، كجزء من السياسات الزراعية، ومن جملة السياسات الليبرالية المجحفة والتمييزية المعمول بها منذ عقود!
فكيف الحال مع الأشكال والآليات الأكثر توحشاً من هذه السياسات؟ والتي يدفع ضريبتها يومياً ولحظياً المتضرّرون من الأزمات العميقة والمستفحلة، والمتضرّرون من تكاثر المشكلات وتوسّعها، أيْ عموم السوريّين، والغالبية المفقَرة منهم خاصة!