ميتا ترتكب «مجزرة رقمية» بالمنشورات الفلسطينية
هند خضري هند خضري

ميتا ترتكب «مجزرة رقمية» بالمنشورات الفلسطينية

اتُهمت الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام بفرض رقابة على منشورات حول مقتل القيادي الفلسطيني إبراهيم النابلسي.

ترجمة وإعداد: قاسيون

فرضت شركة ميتا العملاقة لوسائل التواصل الاجتماعي رقابة على المنشورات التي تشير إلى استشهاد مقاوم فلسطيني بارز في الآونة الأخيرة، واستهدفت بشكل أساسي الصحفيين المقيمين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حسب ما قال نشطاء.

وقامت قوات الاحتلال «الإسرائيلي» باغتيال إبراهيم النابلسي، القائد البارز في كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في 9 أغسطس/آب الجاري خلال اقتحام لجيش الاحتلال لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة وما تلاها من تبادل لإطلاق النار، إلى جانب إسلام صبحي وحسين جمال طه.

وانتشرت صور النابلسي بعد أنباء وفاته. ومع ذلك، قال عدد من الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين الذين شاركوا صورًا ومقاطع فيديو للنابلسي، إن منشوراتهم محظورة على منصات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب.

وقالوا إن إنستغرام وفيسبوك بدأوا في حذف ومراقبة صور «الشهداء» وعائلاتهم بعد عمليات الاغتيال التي ارتكبتها «إسرائيل». وحُجبت التدوينات التي ذكرت النابلسي وصبحي وطه وأي محتوى ينعي موتهم.

كما قامت ميتا بمراقبة مقاطع فيديو لوالدة النابلسي وهي تتحدث إلى الحشود وتحمل جثمان ابنها خلال جنازته.
وبحسب «صدى سوشال»، وهي مبادرة تسجّل وترصد تعليق المحتوى والحسابات الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف حملة ميتا بشكل أساسي الصحفيين والنشطاء المقيمين في الضفة الغربية المحتلة والقدس.

وأظهرت بياناتها أنه في غضون 24 ساعة بعد استشهاد النابلسي، تم تقييد أو حذف ما لا يقل عن 75 حسابًا ناشطًا وصحفيًا على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بما في ذلك Facebook و Instagram و TikTok و Twitter.

المعايير المزدوجة

تقول Sada Social أيضًا أن Meta لديها معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بمراقبة المحتوى.

وقالت نداء بسومي، المنسقة الإعلامية في صدى سوشيال: «شنت حملة مكثفة ضد الصحفيين الفلسطينيين من خلال تقييد منشورات [وسائل التواصل الاجتماعي] التي تنقل الأخبار العاجلة من فلسطين، لكنها لم تقيد فيديو القوات (الإسرائيلية) الذي يظهر اقتحام نابلس وقتل الفلسطينيين».

وبحسب بسومي، فقد حصر ميتا الإشارات إلى الشخصيات والمفاهيم المختلفة المرتبطة بالمقاومة الفلسطينية على أنها «تنتهك معايير المجتمع»، بما في ذلك الأسرى الفلسطينيين الذين فرّوا من سجن جلبوع «الإسرائيلي» في عام 2021 والآن النابلسي.

وأشارت بسومي إلى أن هذه الممارسة ليست جديدة، حيث تم التوصل إلى اتفاق منذ عام 2016 بين حكومة الاحتلال ومنصات التواصل الاجتماعي الكبرى، بما في ذلك فيسبوك، للسيطرة على المحتوى الفلسطيني.

تتم أيضًا مراقبة المحتويات الفلسطينية على وسائل التواصل الاجتماعي عن كثب داخل كيان الاحتلال. واعتبارًا من أبريل/نيسان 2022، تلقت الوحدة الإلكترونية «الإسرائيلية» شكاوى بشأن 5815 منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي لمستخدمين فلسطينيين اتُهموا بالتحريض على الإنترنت أو بدعوى دعم «الإرهاب».

وقالت بسومي: «تخيّل أنّ إنستغرام حذف حساباً لصحفية على إنستغرام لأنها نشرت صورة لفلسطيني قتل على يد القوات الإسرائيلية».

إسكات الأصوات الفلسطينية

وتم تعليق حساب الصحافية الفلسطينية أصيل سليمان على إنستغرام بعد أن نشرت ثلاث صور للنابلسي ومقطع فيديو لفلسطينيين وقوات خاصة «إسرائيلية» يتبادلون إطلاق النار.

سليمان، التي لديها أكثر من 51000 متابع على تطبيق مشاركة الصور، متهمة بانتهاك «إرشادات المجتمع» لمجرد نشرها صور النابلسي، ولم يعد حسابها مرئيًا لمستخدمي Instagram.

ويشارك صحفيون ونشطاء فلسطينيون لقطات شاشة تظهر حظر منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي على المنصات المملوكة لشركة Meta مثل Facebook وInstagram.

وقالت سليمان: «كانت (إسرائيل) تعاقب المستخدمين الذين ينشرون محتوى مرتبطًا بالفلسطينيين من خلال تقليل وتقييد تفاعلهم».

وأكدت سليمان أنه خلال القصف «الإسرائيلي» على غزة الأسبوع الماضي، والذي استشهد فيه ما لا يقل عن 44 فلسطينيًا وأصيب أكثر من 360 آخرين، لاحظتْ أن مشاركة حسابها على إنستغرام ومدى وصولها إليه كان مقيدًا. ومع ذلك، جاء تعليق حسابها بمثابة مفاجأة.

مجزرة رقمية

تحت رقابة ميتا، لا يشكل متابعو عبد العفو بسام البالغ عددهم 436 ألفاً على إنستغرام سوى القليل هذه الأيام.

قال بسام، أحد أبرز النشطاء من القدس خلال عدوان الشيخ جراح وغزة 2021: «أنا أحد ضحايا مجزرة ميتا الرقمية». واصفاً ذلك بعدوان «إسرائيلي» رقمي؛ «بينما يصاب فلسطينيون على الأرض بالرصاص والشظايا، فإننا نصاب على الإنترنت من خلال تقييد وإسكات أصواتنا».

انضم بسام إلى Instagram وFacebook في عام 2010، وسلط الضوء على كيفية تطور الخوارزميات بمرور الوقت لقمع المحتوى الفلسطيني.

على الرغم من محاولات تجاوز الرقابة على Facebook من خلال تجريد عبارات مثل «شهيد، مقاومة»، قال بسام إنه مُنع سابقًا من نشر القصص والصور ومقاطع الفيديو على الموقع.

ولعدة أشهر، مُنع من استخدام Instagram Live (ميزة البث المباشر للتطبيق).

تمت إزالة صورة تظهر والدة النابلسي وهي تبتسم وهي تحمل جثمان ابنها في جنازته مع التعليق: «أم عظيمة، تحمل ابنها» من حسابه على Instagram.

وسأل الناشط متعجباً: «لم أذكر النابلسي، لقد ذكرت أن والدته كانت رائعة، فكيف انتهكت قواعد Instagram؟!». واتهم إنستغرام بسام باستخدام المنصة للترويج لـ«الإرهاب».


جيش احتلال إلكتروني وتمويل اعتداءات رقمية منسّقة

وثّق مركز صدى الاجتماعي، خلال النصف الأول من عام 2022، حوالي 425 انتهاكًا رقميًا ضد المحتوى الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأنفقت Mind Force وهي شركة علاقات عامة «إسرائيلية» ممنوعة الآن من منصات Meta، حوالي 12000 دولار على إعلانات Facebook وInstagram وقيل إنها قامت بحملات سياسية مناهضة لحماس في قطاع غزة.

وزُوِّدت بعض رواياتها على أنها صحفيين محليين مستقلين، واستخدمت الغالبية العظمى من الملفات الشخصية صورًا مسروقة من مواقع أخرى، وبدا أن القليل منها تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.

اشترت هذه الصفحات والحسابات «إبداءات الإعجاب» الوهمية لجعل محتواها يبدو رائجًا ومتتبعًا.

تم التعرف على المجموعة في تقرير التهديد المناوئ الفصلي على فيسبوك الذي صدر في أغسطس/آب 2022 كجزء من شبكة "نشأت في (إسرائيل) واستهدفت أنغولا ونيجيريا ومنطقة غزة في فلسطين.

وقال Facebook إنه أزال أكثر من 250 حسابًا على Facebook وأكثر من 100 حساب Instagram لانتهاك سياسته ضد «السلوك غير الأصيل المنسق».

 

بتصرّف عن: Social Media Giant Meta Carries Out ‘Digital Massacre’ of Palestinian Posts

 

معلومات إضافية

المصدر:
غلوبال ريسيرش (بتصرّف)