1 يورو = 1 دولار ... 7 أسباب
سعد صائب سعد صائب

1 يورو = 1 دولار ... 7 أسباب

لأول مرة منذ عام 2002 يتساوى سعر صرف اليورو مع الدولار، بما يعني أنّ اليورو قد فقد من قيمته مقابل الدولار ما يصل إلى 30% خلال بضعة أشهر.

 

فيما يلي، وبشكل مختصر، الأسباب الأساسية لهذا التحول:

1- رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة بشكل متواتر، دفع نحو تحول عدد من رؤوس الأموال من أوروبا باتجاه الاستثمار بالدولار، بمقابل أنّ المصرف المركزي الأوروبي لم يرفع الفائدة بعد، ومن غير المتوقع أن يرفعها بالسرعة وبالمعدلات ذاتها التي يقوم بها الفيدرالي الأمريكي... (لأنّ رفع سعر الفائدة، وإنْ كان له تأثير مؤقت في تحسين سعر صرف العملة المعنية أمام العملات الأجنبية الأخرى، إلا أنّه في الوقت نفسه، خطيرٌ على اقتصاد تلك الدولة، لأنّه يشجع حالة الكساد ويعززها، الأمر الذي ينعكس مرة أخرى على سعر صرف العملة بعد ربع أو ربعين من السنة، ويلتهم التحسن المؤقت في سعر الصرف، ويعزز بالمحصلة من التضخم ومن الركود في آن معاً).

2- أزمة الطاقة في أوروبا، بما في ذلك دفع الأوروبيين سعر كمياتٍ من الغاز والنفط بالروبل، ناهيك عن ارتفاع أسعار هذه الكميات ارتفاعاً فلكياً مقابل الوضع قبل ستة أشهر.

3- في أزمة الطاقة أيضاً، فإنّ الأوروبيين باتوا يدفعون كميات أكبر من الدولار الأمريكي مقابل الطاقة، وذلك لأنّ كل البدائل التي يحاولون العمل عليها وشراءها تمر عبر الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن كانوا يدفعون باليورو لروسيا. ما يعني أنّ طلبهم على الدولار في ازدياد مستمر.

4- رفع ميزانيات التسلح في معظم الدول الأوروبية، ورفع نسبة الإسهام في الناتو، هي ضرائب يجري دفعها من الأوروبيين تحديداً باتجاه الجيوب الأمريكية، لأنّ مصنع السلاح الأول بالنسبة للعالم الغربي، هو في الولايات المتحدة بالذات متمثلاً بالمجمع الصناعي العسكري... أي طلب إضافي على الدولار ورفع لسعره مقابل اليورو.

5- معدلات التضخم المرتفعة، تعني أنّ القيمة الشرائية لليورو قد انخفضت في أوروبا نفسها، وبالتالي فإنّ عمليات استيراد بضائع بديلة من الخارج ازدادت وستزداد، وهذه تمر عبر الدولار، باعتبار أنّ الخيارات الأوروبية في الاستيراد ما تزال محصورة ضمن نظام سويفت وضمن منظومة التبادل المحكوم دولارياً بالدرجة الأولى.

6- معدلات التضخم في الإنتاج الصناعي بشكل خاص، تعني أنّ أوروبا باتت تنتج بضائع أقل مما كانت تنتج سابقاً، وبكلف أعلى مما كانت سابقاً، وبالتالي فإن الكتلة النقدية التي باليورو باتت تمثل كماً أقل من البضائع، وهذا يعني انخفاض قيمة اليورو، سواء اتجاه البضائع أو اتجاه العملات الأخرى.

7- انخفاض الإنتاج، وارتفاع أسعار الطاقة، يعني أنّ الميزان التجاري لمنطقة اليورو يتجه نحو عدم التوازن بين التصدير والاستيراد، وسيستمر الاستيراد بالارتفاع بينما ينخفض التصدير، وهذا يعني مزيداً من العجز، ويعني ضمناً زيادة في الدين العام، وانخفاضاً إضافياً لقيمة اليورو وسعر صرفه

هذه الأسباب هي أسباب متداخلة بطبيعة الحال، وتؤدي إلى تعزيز بعضها البعض. ولكن ما بات واضحاً هو أنّ هنالك عملية امتصاص مؤقت لأزمة الدولار عبر تحطيم اليورو وامتصاص الثروات الأوروبية نحو الضفة الثانية من الأطلسي. والواضح أيضاً، وضمن المعطيات الحالية لطبيعة القيادات السياسية في أوروبا وسلوكها المنبطح أمام الأمريكان، أنّ هذه العملية ستستمر، وسيكون اليورو أحد الأضحيات التي سيتم تقديمها على المذبح الأميركي... وليس مستبعداً أن يتبخر اليورو نهائياً خلال السنوات القليلة القادمة، لنرى مجدداً المارك الألماني والفرنك الفرنسي وإلخ...

آخر تعديل على الأربعاء, 13 تموز/يوليو 2022 00:09