مشروع قانون لا يعترف بفئتين نقديتين من العملة السورية
أحال مجلس الشعب في جلسته السادسة عشرة المنعقدة بتاريخ 19/6/2022 من الدورة العادية السادسة للدور التشريعي الثالث، مشروع القانون المتضمن: «جبر أجزاء المائة ليرة سورية للقيمة الإجمالية المستحقة إلى المائة ليرة سورية الأعلى لكافة المبالغ المتعلقة بالرسوم والتكاليف المحلية المفروضة على المطارح في معرض تطبيق أحكام قانون الموازنة المستقلة رقم /35/ لعام 2007، إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لبحث جواز النظر فيه».
تجدر الإشارة إلى أنه سبق أن صدر القانون رقم /20/ للعام 2018 الذي تضمن ما يلي: «تجبر أجزاء العشر ليرات السورية للقيمة الإجمالية المستحقة إلى العشر ليرات السورية الأعلى لكافة المطارح المتعلقة بالرسوم والتكاليف المحلية المفروضة في معرض تطبيق أحكام قانون الموازنة المستقلة رقم /35/ لعام 2007».
إن اللجوء إلى جبر الأجزاء والكسور النقدية للقيمة الإجمالية المستحقة أمر متعارف عليه، حيث يتم اللجوء إليه وقوننته بغاية تسهيل العمل المالي والمحاسبي، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة طرفي العلاقة فيه، حيث تُجبَر هذه الأجزاء عادة، للأدنى أو للأعلى، لأقرب فئة نقدية بحسب كسور هذه الأجزاء، وذلك لضمان العدالة ما أمكن في عملية الجبر بين طرفَي العلاقة المالية.
أما أن تُكرَّس عمليةُ جبر الأجزاء للفئة النقدية الأعلى دائماً، مع غضّ الطرف عن مصلحة أحد الطرفين فيها، فهذا أمر ينافي العدالة، والأسوأ أنْ تتمّ هذه العملية لفئة نقدية أعلى مع تجاوز تام لفئات نقدية وسيطة أخرى يمكن اعتمادها في عملية الجبر المالي والمحاسبي، لمصلحة طرف على حساب طرف آخر.
فالمشروع المقترح أعلاه اعتمد آلية الجبر لأجزاء المئة ليرة، مهما كانت، إلى المائة ليرة سورية الأعلى، مع تجاوز فئات الـ25 ليرة والـ50 ليرة من العملة السورية قيد التداول دفعةً واحدة!
وهذه الآلية من جبر الأجزاء تعتبر غير عادلة بالنسبة للمواطنين عند تسديد ما عليهم من رسوم وضرائب بحسب أحكام قانون الموازنة المستقلة، ليس بسبب أن الجبر للفئة الأعلى على حسابهم دائماً، لكن بسبب تجاوز فئتين نقديَّتَين دفعة واحدة أيضاً.
فعلى سبيل المثال فإن استحقاق مبلغ 101 ليرة كانت تجبر الى 110 ليرات عند التسديد بموجب القانون المعول به، أما بموجب المشروع المقترح فستصبح عملية جبر الأجزاء إلى 200 ليرة مباشرة عند التسديد، في تجاوز لإمكانية عملية الجبر تلك إلى 125 أو 150 ليرة.
فإذا كان المواطن يتكبّد 9 ليرات خسارة كحد أعلى سابقاً من جيبه، فهو الآن سيخسر 99 ليرة جراء عملية الجبر وفقاً للمشروع المقترح.
قد يقول قائل إنّ المبلغ غير ذي قيمة بظل تراجع القيمة الشرائية للَّيرة، لكن الخطير في الأمر، بحال إقرار مشروع القانون، أنه لا يقتصر على كونه على حساب ومن جيوب السوريين، أي تكريس انعدام العدالة في عمليات جباية الأموال، بل في عدم الاعتراف قانوناً ورسمياً بفئتين نقديَّتَين من العملة السورية، هما فئة الـ25 و الـ50 ليرة، وهما متداولتان ومعتمدتان حتى الآن، خاصة مع احتمال تعميم ذلك على كلّ العمليات المالية والمحاسبية في البلاد لاحقاً، وطبعاً من جيوب وعلى حساب المواطنين!
والسؤال الذي يفرض نفسه: ما هي الانعكاسات السلبية الإضافية على القيمة الشرائية لليرة السورية بعد عدم الاعتراف الرسمي بهذه الفئات النقدية؟
بانتظار القائمين على السياسات المالية والنقدية في البلاد كي يفتوا برأيهم بهذا الشأن!