تقييد حركة التداول النقدي دخان ضبابي لتغطية مصالح الناهبين
القرار الجديد الصادر عن الحكومة بتاريخ 13/2/2022، والذي ألزم بموجبه تسديد نسبة 15% من القيمة الرائجة للوحدة العقارية المباعة عبر الحسابات المصرفية، وكذلك الإلزام بسداد من 3 إلى 20 مليون ليرة عبر الحسابات المصرفية لعمليات بيع المركبات بحسب سنة صنعها، مع الاستمرار بتجميد مبلغ 500 ألف ليرة في الحسابات المستخدمة لعمليات البيوع لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، هو امتداد لقرارات حكومية سابقة، وتوسيع وتكريس لها، وما زالت ذرائعها المساقة كتبرير على حالها، والمتمثلة في:
- الحد من التداول النقدي، وتقييده.
- الحد من المضاربة حفاظاً على القيمة الشرائية لليرة.
- الحد من التهرب الضريبي.
- الترويج للتبادلات النقدية عبر المصارف.
أما بالواقع العملي فإن النتائج كانت، وستبقى، متمثلة بما يلي:
- زيادة السيولة في المصارف العاملة (عامة وخاصة)، ومزيد من التضخم فيها.
- زيادة معاناة المواطنين في استعادة أموالهم المودعة، والمحكومة بسقف سحب يومي.
- تكريس المخالفة بالحجز على جزء من أموال المواطنين، تحت مسمى "تجميد".
- مزيد من التراجع في عمليات بيع وشراء العقارات والآليات.
- ازدياد انعدام الثقة بالتوجهات الحكومية، وخاصة على مستوى الإجراءات المالية والنقدية.
- مزيد من اهتزاز الثقة بالتعامل المصرفي، بدلاً من تعزيزها.
ونظراً لأهمية تشجيع التبادلات النقدية عن طريق المصارف، وصولاً لتوسيع قاعدة وآليات الدفع الإلكتروني وتعميمها، وبحال توفر النية الجدية في تكريس ذلك فعلاً، من أجل إعادة الثقة بالتعامل المصرفي، بعيداً عن الذرائعية، لعله من الضروري أن يتم:
- رفع الفائدة المصرفية بما يوازي معدلات التضخم.
- بالإضافة إلى ضرورة إلغاء الإجراءات التقييدية لحركة السيولة النقدية، أو التخفيف منها قدر الإمكان.
فمن غير ذلك لن يتشجع المواطنون على التبادلات النقدية عبر المصارف، وكذلك لن يتبنوا آليات الدفع الإلكتروني.
بالمقابل تجدر الإشارة إلى أن الحكومة كانت قد فسحت المجال أمام المصارف (العامة والخاصة) للإقراض وبسقوف مفتوحة، ما يعني أن جزءاً هاماً من الذرائع المساقة بشأن الحد من الحركة النقدية وتقييدها، والحفاظ على القوة الشرائية لليرة، والحد من عمليات المضاربة، قد تهاوت.
فلماذا صدر القرار الجديد، بتلك النسب وبهذه التفصيلات، إذاً؟
يبدو أن الغايات، وفقاً لطبيعة وجوهر السياسات الحكومية المنحازة لمصالح الحيتان من أصحاب الأرباح على طول الخط، يمكن اختصارها بالتالي:
- إن تجميد السيولة النقدية، بحسب مضمون القرار وفقاً للنسب والأرقام أعلاه، تعتبر قناة دائمة ومستمرة لضخ السيولة في المصارف.
- وبالتالي زيادة حجم السيولة النقدية المعدة للإقراض لدى المصارف.
- أي زيادة الفرص أمام "المحظيين" من أصحاب الأرباح بالحصول على التمويلات المصرفية لتغطية تكاليف "مشاريعهم"، وبسقوف مفتوحة طبعاً.
- بمعنى أكثر مباشرة ووضوح نقل ومركزة جزء هام من السيولة النقدية، من المصارف، ومن جيوب المواطنين، ومن السوق، إلى أيدي القلة الناهبة المتحكمة بالعمليات المالية والاقتصادية في البلاد.
لنصل إلى النتائج الكارثية لكل ما سبق، والتي يمكن تلخيصها بالتالي:
- زيادة مبالغ الديون قيد التحصيل، الممنوحة كقروض، لدى المصارف.
- مزيد من عمليات المضاربة والتجارات غير المشروعة على أيدي ولمصلحة القلة الناهبة، التي تُمركِز جزءاً كبير من السيولة النقدية لديها.
- مزيد من تراجع القيمة الشرائية لليرة.
- مزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي والخدمي.
- مزيد من الإفقار العام.