تحرير أسعار الأدوية بحجّة «الابتكار» في الولايات المتحدة
روزي كولينغتون ووليام لازونيك روزي كولينغتون ووليام لازونيك

تحرير أسعار الأدوية بحجّة «الابتكار» في الولايات المتحدة

الولايات المتحدة فريدة في إخفاقها في تحديد أسعار المستحضرات الصيدلانية بشكل قانوني. تدفع الأسر الأمريكية في المتوسط أكثر من ضعفين ونصف ثمن الأدوية، بالمقارنة بنظرائهم في بلدان منظمة التعاون والتنمية. في عام 2018، بلغ إجمالي الإنفاق على الأدوية للفرد الواحد في الولايات المتحدة 1229 دولار، بالمقارنة مع ألمانيا 884 دولار، ومع كندا 865 دولار.

لهذا الاحتكار غير المضبوط بقوانين الذي تتمتع به شركات المستحضرات الصيدلانية الأمريكية، عواقب وخيمة، خاصة وأنّ 26.1 مليون أمريكي لم يكونوا مؤمَّنين صحياً بأيّ شكلٍ من الأشكال في مطلع عام 2020.
يجادل الذين يعارضون وضع تشريعات لتحديد الأسعار بأنّ مِن شأن تدخُّل الحكومة أنْ يؤثّر سلباً على الاستثمار في ابتكار الأدوية لأنّ الشركات سيكون لديها أرباح أقل لتمويل تطوير الأدوية ومشاريع الابتكار والبحث فيها.

الجمهور خارجاً

يمكننا تعريف الابتكار بأنّه خلق/توليد دواء أفضل نوعياً «أكثر أماناً وفاعليّة» وأقلّ تكلفة «يمكن تحمّل تكلفته والوصول إليه بشكل أفضل». تبدو لأول وهلة حجّة قويّة، ففي نظام اقتصادي كالموجود حالياً، من المهمّ أنْ يتمّ تحفيز الشركات للإنفاق على البحث والتطوير لابتكار أدوية جديدة.
لكن وقبل النظر عن قرب في الأموال التي يتمّ إنفاقها على الابتكار، هناك مشكلة في المنطق الذي يجعل الشركات هي من تقرر بشكل منفرد أسعار الأدوية المرتفعة لتوليد مقدار الربح الذي تراه مناسباً لتمويل الابتكار، وذلك دون مشاركة الجمهور المطلوب منهم الانصياع للشراء.
بالعودة إلى حجّة الابتكار، فقد أظهر بحثٌ من «مؤسسة التفكير الاقتصادي الجديد» أنّ غياب تشريعات لتحديد السعر لا تأثير له على الاستثمار في التطوير والابتكار، بل بالممارسات المالية التي تقوّض الابتكار.
إنّ ما تقوم به الشركات الدوائية الأمريكية الكبرى هو تخصيص أرباحها لتوزيع الأرباح النقدية وإعادة شراء الأسهم على حساب ابتكار الأدوية. تقوم هذه الشركات ببساطة ببيع المرضى من أجل الحصول على الأرباح الأعلى التي يمكن استخدامها لزيادة عائدات الأسهم. في الحقيقة، يحفّز عدم وجود تسعير قانوني المدراء التنفيذيين للشركات لاعتماد هذا الأسلوب الربحي، والاستجابة للضغط من أجل السيطرة الاستراتيجية على تخصيص موارد شركاتهم من قبل صناديق التحوّط.

الحجج الواهية

لدى شركات الأدوية والمدافعين عن حريتها في تحديد أسعار الأدوية التي تناسبها حجج رئيسية أبرزها:
1 – أسعار الدواء المرتفعة مهمّة لخلق أرباح كافية لتمويل الابتكار والبحث.
2 – توقعات الحصول على نفع مالي كبير ما يحفّز الممولين على القيام بالاستثمارات المحفوفة بالمخاطر.
لكن يوضّح نظام الأمْوَلَة الذي يحكم عمل شركات المستحضرات الصيدلانية مدى خطأ هذه الحجج، ويوفّر إطاراً يمكن من خلاله فهم إخفاق الحلول السوقية.
إنّ تطوير وتصنيع وتقديم دواء آمن وفعّال يمكن الوصول إليه بأسعار معقولة هو عملية ابتكار. كما هو الحال في جميع حالات الابتكار الصناعي، فجوهر صناعة المستحضرات الصيدلانية هو التعلّم المنظم المطلوب لإنشاء منتج عالي الجودة.
ضمن نظام ابتكار غير مهيمَن عليه من الحلول المالية، يمكِّنُ توفُّر منتجٍ عالي الجودة شركةَ المستحضرات الصيدلانية من الوصول إلى نطاق أكبر من السوق، والاعتماد على حجم طلب يمكن تلبيته، وتحقيق وفورات في حجم تكاليف التطوير والتصنيع والتسليم.

بتصرّف عن:

Beyond Price Caps: A Regulatory Framework for Pricing of Medicine Innovation