الخبز... جريمة جديدة بحق الغالبية المفقرة
وجهت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كتاباً إلى السورية للمخابز، مؤرخ في 29/1/2022، مضمونه اعتماد سعر 1300 ليرة لربطة الخبز للمستهلك، للشرائح المستثناة من الدعم، وبالكمية المخصصة لهؤلاء وفق البطاقة الإلكترونية، وذلك اعتباراً من 1/2/2022.
من الواضح بدايةً أن:
- اعتماد السعر المعلن أعلاه يعتبر خطوة جديدة باتجاه إنهاء الدعم على المادة، لاستكمال تحرير سعرها بشكل نهائي لاحقاً.
- السعر الجديد لن يصب إلا في مصلحة شبكات السوق السوداء على مادة الخبز التمويني حالياً.
فمن تم استبعادهم من الدعم من المفترض أنهم من شرائح أصحاب الملاءات المالية الذين ليسوا بحاجة للدعم.
أليس ذلك ما تم التصريح به رسمياً، وتم العمل عليه من خلال تقاطع المعلومات والبيانات عن هؤلاء؟!
أي إن المستبعدين من الدعم، بحسب الرسميين، بغض النظر عن مدى صوابية ذلك وفقاً للآلية المتبعة كنتيجة، بالأصل هم من غير المستهلكين للخبز التمويني المدعوم، لأنهم يعتمدون على الخبز السياحي والصمون والتوست، وغيرها من أنواع الخبز الأخرى التي يستطيعون تحمل تكاليفها، وبالتالي فإن السعر الجديد للخبز أعلاه ليس مخصصاً لهذه الشرائح، على الرغم أنه صدر باسمها!
كذلك فإن هؤلاء أيضاً (المستبعدين من الدعم) هم من قيل عنهم رسمياً بأنهم يمنحون بطاقاتهم، ويتخلون عن مخصصاتهم، ليستفيد منها تجار السوق السوداء.
أليس ذلك ما تم التصريح به رسمياً؟ طبعاً بغض النظر عن مدى صحة ذلك أيضاً!
فمن الناحية العملية فقد تم الحفاظ على مخصصات الشرائح المستبعدة من الدعم بموجب الكتاب أعلاه، أي بالمختصر تمت المحافظة على حصة السوق السوداء التي جرى الحديث عنها رسمياً، وكانت مبرراً لاتخاذ إجراء الاستبعاد، كما هي ودون نقصان، وربما الفرق أن السورية للتجارة ستنال حصة من هذه العملية كنتيجة!
فأي تناقض أكثر من ذلك، بين المقدمات المعلنة وذرائعها وبين النتائج!
فمن الواضح أن آلية الاستبعاد من الدعم لبعض الشرائح، كشكل من أشكال تخفيض الدعم الجارية، بالتوازي مع الاعتماد الرسمي للسعر أعلاه، والترويج له بهذا الشكل، ما هي إلا خطوات جديدة ومتتابعة بمسيرة إنهاء الدعم على مادة الخبز، والتحرير النهائي لسعره لاحقاً، مع كل اللامبالاة بالنتائج الكارثية لذلك!
فمن المعروف أن من يلجأ للسوق السوداء للخبز عادة هم المفقرون، الذين فُرض عليهم سقف مخصصات يومية غير كافية لتغطية احتياجاتهم الفعلية، كنتيجة لجملة إجراءات تخفيض الدعم الظالمة التي جرت خلال السنين الماضية وحتى الآن.
والمصيبة الأكبر بالنسبة لهؤلاء أن سعر ربطة الخبز في السوق السوداء كانت تتراوح بين 700-1000 ليرة قبل السعر الجديد أعلاه، أما بعد هذا السعر فقد يتجاوز سعر الربطة في هذه السوق 1500 ليرة، وربما أكثر من ذلك!
فالآلية المتبعة في تخفيض الدعم، وقوائم الاستبعاد منه، مع السعر أعلاه، قدم منفعة جديدة لشبكات السوق السوداء لتستكمل مهمتها في استغلال الحاجات من الناحية العملية، والمتضرر من ذلك طبعاً هم المفقرون المضطرون للجوء لهذه السوق، والذين سينحدر مستواهم المعيشي أكثر مما هو عليه الآن بأشواط، ناهيك عمّن أصابهم الظلم في استبعادهم من الدعم!
أي إننا، ومع الاستمرار بهذا النهج الرسمي الظالم، مقبلون على مزيد من ارتفاع معدلات الفقر، ومن تزايد نسبة المعوزين غذائياً والجائعين!
فهل من جريمة أكبر من ذلك بحق الغالبية المفقرة؟!