2022 والضربات الموعودة لنظام سويفت والدولار
كان بوتين مباشراً في لقاء الفيديو مع شي جينبينغ في 15 كانون الثاني/ديسمبر 2021، حيث وصف العلاقات الروسية الصينية بأنّها «مثال عن التعاون الأصيل بين الدول في القرن الحادي والعشرين». باتت مستويات هذا التعاون الذي مضى عليه سنوات معروفة اليوم – بدءاً من التجارة والنفط والغاز والتمويل والفضاء ومكافحة كوفيد-19، وصولاً إلى الترابط التدريجي بين «مبادرة الحزام والطريق BRI»، و«الاتحاد الاقتصادي الأوراسي EAEU».
ترجمة: قاسيون
لكن اليوم بات المسرّح مهيئاً للإعلان عن خطوة جادة مضادة للنسخة الجديدة من الحرب الباردة الهجينة التي تشنّها عليهما الإمبريالية. كما أوضح مساعد الرئيس الروسي للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف بإيجاز، اتفق بوتين وشي على إنشاء «هيكل مالي مستقل للعمليات التجارية لا يمكن أن تؤثّر به الدول الأخرى». وأكدت مصادر دبلوماسية - بشكل غير رسمي – أنّ الهيكل قد يتمّ الإعلان عنه من خلال قمّة مشتركة قبل نهاية عام 2022.
هذا أمر قادر على تغيير قواعد اللعبة، وقد نوقش من قبل على نطاق واسع في الاجتماعات الثنائية السابقة، وفي التحضير لقمم بريكس - حيث تركزت بمعظمها على زيادة حصة اليوان والروبل في التسويات بين روسيا والصين، وتجاوز الدولار الأمريكي، وفتح خيارات أسواق مالية جديدة أمام المستثمرين الروس والصينيين.
وصلنا اليوم إلى الزبدة، والحديث المحفز الذي تحدّث عن الفكرة غير الواضحة المتمثلة بطرد روسيا من سويفت، وهو شبكة الرسائل الماليّة التي تجمع بين 110 آلاف بنك في أكثر من 200 دولة، إضافة للمؤسسات المالية. قد يكون إخراج روسيا من سويفت جزءاً من عقوبات جديدة بهدف منعهم من «اجتياح أوكرانيا» الذي لن يحدث على الإطلاق.
التربّح من الحمق الاستراتيجي
من جديد، تمنح الاستراتيجية الأمريكية الحمقاء للتعاون الروسي-الصيني تعزيزاً وفرصة أكبر للتنسيق. صاغ أوشاكوف ذلك بطريقة دبلوماسية للغاية: «لقد حان الوقت لتجاوز آلية سويفت التي تؤثر عليها أطراف ثالثة، وتشكيل هيكل مالي مستقل».
يعني مثل هذا تغييراً خطيراً في قواعد اللعبة ليس بالنسبة للصين وروسيا وحسب، بل بالنسبة لكامل بلدان الجنوب العالمي – حيث تتوق جميع الدول للتحرر من ديكتاتورية الدولار وحكم الأمر الواقع.
تقوم روسيا والصين باختبار أنظمة الدفع البديلة منذ فترة جيدة: نظام SPFS الروسي «نظام نقل الرسائل المالية»، ونظام CIPS الصيني «نظام المدفوعات العابر للحدود».
لن يكون الأمر سهلاً، حيث إنّ أكثر البنوك الصينية قوة تتعامل بشكل كبير عبر سويفت، وقد عبّرت عن تحفظاتها بخصوص SPFS. لكن، من الحتمي أن تتكامل هاتان الآليّتان قبل إطلاق الآلية الجديدة، والتي ستشهد النور على الأرجح في أواخر 2022.
بمجرّد أن تتبنى أهم البنوك الروسية والصينية – بدءاً من Sberbank وصولاً إلى بنك الصين - النظام الجديد، ستنفتح الأفق أمام البنوك الأخرى عبر أوراسيا والعالم لينضموا إليها.
سيتم على المدى الطويل تهميش سويفت وهي المعرَّضة للتدخلات السياسية الأمريكية غير المنتهية – أو أنّها ستقتصر في أفضل حالاتها على خطوط العرض الأطلسية.
يعدّ تجاوز الدولار الأمريكي، سواء في التجارة أو في جميع أنواع التسويات المالية، بنداً محورياً شديد الأهمية لمفهوم روسيا والصين عن العالم متعدد الأقطاب دائم التطور.
سيكون الطريق طويلاً دون شك، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بتقديم أرضيّة صلبة مناهضة للنظام المالي المسيطر عليه أمريكياً، خاصة مع المتاهة التي تشمل بيوت الاستثمار العملاقة أمثال بلاك روك، وفانغارد، وستيت ستريت، مع مساهمتهم المتشابكة في كلّ شركة كبرى متعددة الجنسيات تقريباً.
حتميّة البديل عن سويفت
سيحصل الهرب من سويفت على دفعة وزخم من أعلى المستويات الصينية والروسية، ذلك أنّ هذه الخطوة لازمة وضرورية لسلسلة من التطورات التي تعتزم البلدان المضيّ فيها، وأهمها:
1. التفاعل المتطور بين «الحزام والطريق» و«الاتحاد الاقتصادي الأوراسي»، ما يقدم أدواراً توسعية لبنك التطوير الجديد الخاص ببريكس «NDB»، وكذلك بنك آسيا للاستثمار في البنية التحتية «AIIB».
2. زيادة قدرة منظمة شنغهاي للتعاون SCO من الناحية الجيوسياسية والجيواقتصادية، خاصة بعد قبول إيران فيها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
3. رئاسة الصين لبريكس في 2022.
ستستثمر الصين بشكل عميق في BRICS+ في 2022. كما سيتم وصل عملية توسيع نادي بريكس هذه، بعملية التطوير التي تشمل:
1. تعزيز «الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية RCEP» - وهو الاتفاق التجاري الهائل الذي يوحّد كلّ من الصين ودول منظمة آسيان العشرة، واليابان، وكوريا الجنوبية. إضافة إلى أستراليا ونيوزلندا.
2. منطقة التجارة الحرة لقارة إفريقيا «ACFTA».
3. مذكرات التفاهم الموقعة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وMERCOSUR، وبين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة آسيان.
استقرار غرب آسيا
جادل ياروسلاف ليزوفوليك، أحد أبرز الخبراء في بريكس، بأنّ الوقت حان كي تدير BRICS+ 2.0 نظاماً يفتح احتمالات الاتفاقات الثنائية والجماعية، لتكميل الشبكة الرئيسية من التحالفات الإقليمية التي شكلتها دول بريكس وجيرانهم الإقليميين. لذا إن كنّا نتحدث عن قفزة نوعية كبيرة بما يخصّ التطوّر الاقتصادي على طول الجنوب العالمي، تكون هذه المسألة حاسمة.
لكن ماذا عن غرب آسيا؟
جميع هذه الصلات، بما فيها الهرب من سويفت، ستنفع دون شك الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني CPEC، وهو أحد أبرز مشاريع الحزام والطريق، والذي تخطط بكين لمدّه ليصل إلى أفغانستان.
سيتم وصل هذا الممر بشكل متزايد أيضاً بالممر المستقبلي الصيني-الإيراني، كجزء من اتفاق الأعوام العشرين الإيراني الصيني، والذي سيتم من خلاله إبراز مشاريع مبادرة الحزام والطريق. الصين تتبادل تجارياً مع إيران باستخدام اليوان والريال بالفعل، لهذا فالتسويات بين إيران والصين هي آلية قائمة خارج سويفت.
ما حدث مع إيران هو حالة نموذجية لأن تكون رهينة للتلاعب الإمبريالي السياسي بمنظومة سويفت. تمّ طرد البنوك الإيرانية من سويفت في 2012 بسبب الضغط من الولايات المتحدة. في 2016، تمّت استعادة القدرة على الوصول كجزء من الاتفاق النووي JCPOA. ثمّ في 2018 تمّ إخراج إيران من سويفت من جديد.
لن يحدث أيّ شيء من هذا عند انضمام إيران إلى آلية روسيا-الصين الجديدة. يقودنا هذا إلى الترابط بين توسيع الحزام والطريق الصيني إلى إيران والعراق وسورية ولبنان واليمن.
بتصرّف عن: Putin and Xi plot their SWIFT escape