بوريك واليسار «الشيك»!
سيبولفيدا أيندي سيبولفيدا أيندي

بوريك واليسار «الشيك»!

فاز غابرييل بوريك في انتخابات الرئاسة في تشيلي من مدّة قريبة، وتمّ الاحتفال بفوزه بوصفه مرشحاً عن اليسار. لكنّ بوريك دعا مراراً اليسار التشيلي «لإدانة أوضاع حقوق الإنسان» في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، وجميعها بلدان من أمريكا اللاتينية ذات مشاريع اشتراكية. لكنّ الدكتور سيبولفيدا أيندي، حفيد الرئيس التشيلي الشهير سلفادور أيندي الذي اغتيل في 1973، قرر الردّ عليه قبل أن يتمّ انتخابه كرئيس، وأرسل له رسالة مفتوحة، إليكم أبرز ما جاء فيها:

ترجمة: قاسيون

أكتب لك هذه الرسالة بسبب إجراءك مقارنات مبسَّطة وعبثيّة ومضلِّلَة بشأن قضايا حسّاسة مثل قضية حقوق الإنسان.
إنّه لأمرٌ متحيّز ووقح للغاية أن تساوي – دون أدنى حجّة – بين ما قلتَ بأنّه «إضعاف الظروف الديمقراطية الأساسية في فنزويلا» و«قمع حكومة أورتيغا في نيكارغوا»، وبين فظائع الدكتاتورية العسكرية في تشيلي، والتدخل الإجرامي الواضح للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، وإرهاب «إسرائيل» ضدّ الشعب الفلسطيني.
حقيقة كتابتك لمثل هذا الهراء لا تجعل منك بالضرورة عميلاً للمخابرات الأمريكية، لكنّها دلالةٌ على عدم تمتعك بأيّ مسؤولية ونضج سياسي، ممّا يحوِّلُكَ لمجرّد غبيّ مفيد للجناح اليميني، أو أسوأ من ذلك، يجعلك من «اليسار» الذي يتوق اليمين لوجوده: يسارٌ غبيّ وغامض، يسارٌ غير مؤذٍ، والذي تبعاً لمدى انتهازيَّته يفضِّلُ أنْ يظهرَ «كصحيحٍ سياسياً»، يَسارٌ فاتِر لا يريدُ مشكلاتٍ مع أحد.
مثل هذا اليسار مُربك، فهو لا يجرؤ على الوقوف بشجاعة ومواجهة الأعداء الحقيقيين للشعب. ومن هنا تأتي خطورة إصداره آراء غير ناضجة سياسياً.
هل خطر لك يوماً التساؤل عن سبب شيطَنة وسائل الإعلام لفنزويلا ومهاجمتها؟ لماذا هي في الأخبار كلّ يوم في جميع بلدان العالم الذي تهيمن فيه البلدان الغربية؟ لماذا يتمّ الاجتماع عليها ومهاجمتها من كلّ جانب؟ لماذا تصمت نشرات الأخبار بشأن المذابح المستمرة في كولومبيا والمكسيك؟ لماذا لا يتجرّأ أولئك الذين مزّقوا شعرهم بسبب القلق على نائب فنزويلي اعترف بالمشاركة في محاولة اغتيال، على مطالبة «إسرائيل» بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني؟
أريد أن أضيف بأنّ لدى فنزويلا ديمقراطيةً أكثر صحّة وشفافية من الموجودة في تشيلي.
كما من السهل أن تفهم المغالطة في القول بأنّ «القيود الدائمة على الحريات في كوبا»، ناهيك عن القول بأنّ كلمة الحرية يتمّ إساءة استخدامها، الأمر الذي يحتاجُ نقاشاً فلسفياً لكشف الغموض عن تعريفها، لكن يمكنك أن تخبرني: ماذا تعني الحرية؟
سمَّيتُ هاتين الدولتين لأنني أعرفهما حقَّ المعرفة. عشتُ في كوبا 9 سنين، وأعيش في فنزويلا منذ 9 سنين. لا أعرف نيكارغوا عن قرب، لكنني أدعوك لتسأل نفسك: ما ردّة فعل حكومة يمينية على توظيف وتسليح عصابات إجرامية لتستولي على القطاعات الأكثر أهمّيّة في مدن البلاد، أو استخدام عصابات مرتَزَقة منظَّمة للقيام بجرائم بغيضة مثل الخطف والتعذيب والاغتصاب، بل وإحراق عشرات الناس أحياء فقط لكونهم متعاطفين مع قضية الساندينيستا؟ لقد وصل الاضطهاد لدرجة قتل عوائل بأكملها وهم في منازلهم.
حتّى مع الموارد، والإطار القانوني، والقوة لاتخاذ إجراءات فورية ضدّ هذه الفاشيّة التي تزعزع الاستقرار، مارستْ حكومةُ نيكارغوا المنتخبة بشكل شرعيّ ضبطَ النفس. أتعتقد لو أنّ حكومة يمينية مكانهم في السلطة، أكان لديها مثل هذا الموقف التصالحي وهل كانوا سيدعون إلى الحوار لحلّ النزاع؟
التاريخ يمنحنا أجوبة.
أفهم إمكانية ارتباكِكَ بسبب وسائل الإعلام القوية التي أخذت على عاتقها مسؤولية إعادة الأكاذيب والتحريف بشكل يومي. نحنُ عندما ندافعُ عن كوبا وفنزويلا ونيكارغوا لا نَكيلُ بمكيالين. لم تقمْ هذه الدول بإخفاء الناس وتعذيبها. إنّهم لا يسجنون من يفكر بطريقة مختلفة. لكن نعم، إنّهم يسجنون المجرمين، سواء أكانوا نوّاباً أم سياسيين أم من يسمّى الطلاب. بدلاً من ذلك، يبدو لي أنّك الشخص الذي يحمل معايير مزدوجة، حيث تُصدِرُ أحكاماً مريحة عن الأخلاق من خلال التلاعب والجهل.
عندما يتعلّق الأمر بالإعلام والديمقراطية والحريات، يمكننا مقارنة حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية في تشيلي بهذه البلدان. لسوء الحظ ليست هذه الأشياء أكثر من سلع في تشيلي.

بتصرّف عن: the Human Rights Double Standard and ‘Chic’ Leftism