على بعد خطوة من الحرب التجارية بين بريطانيا وأوروبا
حكومة المحافظين البريطانية في مسار تصادمي مع الاتحاد الأوروبي حول قضيتي التجارة وشمال إيرلندا. الرأسماليون على كلا الجانبين يفقدون السيطرة على الوضع، وخليط متفجر يجري تحضيره.
ترجمة: قاسيون
في 2019، وعد بوريس جونسون بأنّ «ينهي بريكزت» بحيث يمكن لبريطانيا بدء علاقة جديدة بأوروبا. لكن بعد عامين، لا تزال الأمور معلقة فيما يخص بروتوكول العلاقات الأوروبية بإيرلندا الشمالية. يستمر الجانبان بتصريحاتهما المتناقضة.
بوريس وبريكزت المخادع
بات أمر التوصل إلى اتفاق مشكوك فيه أكثر بعد تصريحات مستشار جونسون السابق دومينيك كومنغز. قال كومنغز في تغريدة تشبه تغريدة رجل عصابات بأنّ كامل مسألة شعارات «أنهي بريكزت» والوعود المرتبطة بها، لم تكن أكثر من شعارات لضرب جيرمي كوربين «بعنف» في الانتخابات العامة 2019.
ووفقاً لكومنغز، فجونسون ليس لديه أيّ فكرة عن كيف سيتم الاتفاق مع الأوروبيين، وبأنّه هجر وعوده حال التخلص من خطر كوربين في حزب العمّال. لكن ما يعنيه هذا حقيقةً لمن يقرأ بين السطور: جونسون فعل الأفضل له، وإلى الجحيم ما ستكون النتائج على الرأسمالية البريطانية.
إنّ ما تريده بريطانيا من عدم وضع تفتيش حدودي مع إيرلندا الشمالية، مع بقاء الأخيرة في السوق المشتركة الأوروبية، أمر غير قابل للتسامح معه من قبل الرأسمالية الأوروبية. فكما صرّح نائب رئيس المفوضية الأوروبية: «البروتوكول حلّ فريد لم يقدمه الاتحاد الأوروبي من قبل. نحن نمنح مصادر خارجية إمكانية السيطرة على جزء من حدودنا»، مع أنّ بريطانيا هي آخر دولة يمكن أن يفكر الاتحاد الأوروبي بتسليمها حماية حدوده.
مشكلة بلا حل
إنّ الترتيبات الحدودية التي يقول الاتحاد الأوروبي بأنّه لا مفرّ منها، والتي وافقت بريطانيا عليها في البدء، تتسبب بأزمة سياسية وعدم استقرار في إيرلندا الشمالية. والانقسام الداخلي حول البروتوكول لن يتم حلّه في وقت قريب، ويمكن أن يتصاعد بشكل كبير في أيّ وقت.
حزب المحافظين البريطاني لا يريد أن تقوم محكمة العدل الأوروبية ECJ بالبتّ في النزاعات الحدودية، وهو ما لا ترضى به المفوضية الأوروبية. وقد أنهت بريطانيا بالفعل الكثير من القواعد الجمركية التي كانت موافقة عليها، والتي لن يتمكن الاتحاد الأوروبي من إعادة فرضها دون محكمة العدل الأوروبية.
وحتّى المهام التي توكَل إليها بموجب البروتوكول لبريطانيا، كي تقوم بها على الحدود، لا يريد المحافظون أن يقوموا بها لكونهم يعتبرونها مهامّ تقنية مكلفة، تعطّل التجارة، وتؤدي لمشكلات سياسية أخرى في إيرلندا الشمالية.
من ناحية أخرى، لن يتضرّر بوريس جونسون وحزبه من «بريكزت غير منتهٍ ودائم»، بل سيعطيهم فزاعة سياسية متمثلة في الاتحاد الأوروبي، يتمكنون من خلالها من الحفاظ على مناصبهم.
قاب قوسين أو أدنى
لا يترك هذا الاتحاد الأوروبي أمام خيار غير إظهار أنيابه، خوفاً من تداعيات اقتصادية أخرى لن يتمكن من تحملها.
باختصار، يمكن أن يتحول الأمر برمته إلى حرب تجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. يمكن للجانبين فرض تعريفات متبادلة ولوائح خاصة في محاولة لاسترداد أيّ خسائر، وإجبار الطرف الآخر على الخضوع.
يواجه الاتحاد الأوروبي مشكلات ملحّة أخرى، إلى جانب منح المملكة المتحدة معاملة خاصة. أثار رفض بولندا الأخير لقانون الاتحاد الأوروبي غضب المفوضية الأوروبية، التي اتهمت بولندا بانتهاك سيادة القانون ووضع البلاد على مسار «بوليكزت – خروج بولندا من الاتحاد». كما أنّ هناك مشكلات شبيهة مع هنغاريا.
أمّا الحكومة البريطانية فتستمر بتبجحها وخداعها، ومنح آمال للناس بأنّها توصلت لاتفاق مع أوروبا بحلول الميلاد القادم، مع أنّ لا شيء من هذا حقيقي.
في الوقت الذي ستكون فيه الحرب التجارية مكلفة لكلٍّ من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، فوضع بريطانيا سيكون أسوأ.
بتصرف عن: Britain and the EU: inching ever closer to a trade war