خنق صوت المنظمات الأهلية في فلسطين
أمجد القسيس/موندويز أمجد القسيس/موندويز

خنق صوت المنظمات الأهلية في فلسطين

توقفت «إسرائيل» عن المجادلة في محتوى تقارير حقوق الإنسان والاتهامات ضدها، وقرّرت عوضاً عن ذلك أن تقوم ببساطة بمهاجمة منظمات حقوق الإنسان لخنق صوتها. سلطة التنسيق الأمني الفلسطينية تنفّذ بدورها جدول أعمال «إسرائيل» بمحاولة قمعها للمنظمات الأهلية من خلال سنّ قوانين جرمية مثل قانون «الجرائم الإلكترونية 2017»، أو عبر قمع التظاهرات السلمية بشكل عنيف كما حدث في تظاهرات ربيع 2021 في الضفة الغربية، أو عبر «المراسيم الرئاسية» المثيرة للجدل بشكل كبير والتي من آثارها إجبار 35 قاضٍ في المحكمة العليا الفلسطينية على الاستقالة.

ترجمة: قاسيون

تواجه المنظمات الأهلية الفلسطينية صعوبات متزايدة في أداء عملها تبعاً للبيئة المفروضة عليها المليئة بالقيود والمحاذير والعقبات، مثل اتخاذ إجراءات متعددة من بينها تجفيف موارد هذه المنظمات المالية ووضع قيود جغرافية عليها. «إسرائيل» غير قادرة على التسامح مع أيّ اعتراض على سيطرتها، وتحاول إسكات منظمات المجتمع الأهلي التي تتمسّك بالقانون الدولي وبحقوق الفلسطينيين.

وحذّر مركز الأبحاث الألماني «مؤسسة الشؤون الأمنية الدولية» منذ 2017 بأنّ القوانين «الإسرائيلية» التقييدية وحملات التشهير والترهيب واسعة النطاق، ضدّ الأفراد والمؤسسات، هي جزء من السياسة «الإسرائيلية» الرسمية وليست مجرد عَرَضٍ لها. على مدى الأعوام الأخيرة كانت هناك حملات عدوانية ضدّ منظمات حقوق الإنسان من قبل «الإسرائيليين»، سواء سياسيين أو مراكز أبحاث أو منظمات غير حكومية.

في أيلول 2018 نشرت «مجموعة عمل السياسات» تقريراً عن أنّ بعض المنظمات غير الحكومية «الإسرائيلية» لديها «هدف أسمى هو دعم السياسات الحكومية التي تساعد على الحفاظ على الاحتلال (الإسرائيلي) والسيطرة على الفلسطينيين، وتزويد البعثات الخارجية ببيانات مضلِّلة لتشويه سمعة منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد الاحتلال، وتعبئة الحكومة (الإسرائيلية) للضغط على نظرائها الأوروبّيين لوقف الدعم المالي لهذه المنظمات».

الاستراتيجيّة «الإسرائيلية» تقوم على دعامتين: الأولى: شيطنة المنظمات الأهلية التي تدعم مقاطعة «إسرائيل» وفرض عقوبات عليها، والضغط على الحكومات والمنظمات الأوروبّية لقطع التمويل عن هذه المنظمات. الثانية: التشهير بالمنظمات الأهلية الفلسطينية عبر اتهامها بالتورّط مع الإرهاب دون أيّ دلائل ذات قيمة لمثل هذه المزاعم. وكما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان في تقريره: «هناك في الإقليم الفلسطيني بيئة من الترهيب والتهديد والاعتقال للمدافعين عن حقوق الإنسان من قبل (إسرائيل)».

in

في الكثير من الحالات قام الجيش «الإسرائيلي» بمهاجمة مقرّات المنظمات الأهلية الفلسطينية وصادر الكمبيوترات والوثائق والأموال، وآخر الأمثلة على ذلك حدثت في تموز وحزيران 2021 عند إغلاق «لجان العمل الصحي» الذي اعتبرته منظمة العفو الدولية ذا عواقب كارثيّة. كما ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير في 2019 بأنّ المنظمات الأهلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة داخل «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية في الضفّة الغربية، تتعرض بشكل متزايد لمحاولات ترهيب من قبل السلطات «الإسرائيلية»

منذ عام 2000، أغلقت «إسرائيل» أكثر من 42 مؤسسة فلسطينية في القدس الشرقية فقط، وذلك تحت ذرائع متنوعة تتراوح ما بين «النشاط السياسي غير الشرعي» إلى عدم دفع الفواتير. قوانين الطوارئ والإرهاب «الإسرائيلية» مخصصة بجزء كبير منها لقمع كفاح المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية والأراضي الفلسطينية المحتلة داخل «إسرائيل»، وقمع الناشطين السياسيين الذين يدعمون الفلسطينيين الذي يعيشون في الضفة الغربية وغزة.

من أمثلة ذلك السماح «لإسرائيل» باستخدام أدلّة سريّة في تجريم المدعى عليهم الذين لا توجد أدلّة علنية ضدهم. كما يوسّع القانون تعريفَ النشاط «الإرهابي» ليشمل «التعبير العلني عن الدعم، أو التعاطف، مع المنظمات (الإرهابية)». بمعنى آخر يحظر التعاطف مع الفلسطينيين تحت أيّ ظرف، تبعاً لكون «إسرائيل» تصنّف جميع الأحزاب السياسية الفلسطينية بوصفها «منظمات إرهابية».

 

بتصرّف عن: Israeli efforts to repress human rights work must fail