فشل أفغانستان ليس فشلاً للجميع
مع سيطرة طالبان على معظم أفغانستان، امتلأت صحافة الطغمة الليبرالية بقصص «الفشل» و«الأخطاء» في أفغانستان. لكنّ الحرب التي دامت عشرين عاماً كانت نجاحاً مبهراً بالنسبة للبعض. رغم أنّ هذا الأمر غير مطروق، إلّا أنّه صحيح للأسف. على سبيل الاستطراد، «الحرب على الإرهاب» التي كانت ذريعةَ غزو أفغانستان، لم تكن أولى الحروب التي يتمّ إشعالها برفع راية زائفة، ويمكن لفيتنام وكوبا أن تشهدا على الأمر. كما أنّها لن تكون الأخيرة، وتشهد الأطر التي يحاولون وضع الصين فيها، مثل الاتهامات بالإبادة الجماعية والاسترقاق، على ذلك أيضاً.
لم يكن عدد القتلى البالغ 241 ألفاً، ومنهم 2442 جنديّاً، أكثر من «ضرر جانبي» لجني الأرباح لمصلحة النخب الليبرالية على الطرف الثاني من المحيط.
إذا ما اعتمدنا طرق حساب متقشِّفة، فقد أنفقت الولايات المتحدة 2 ترليون و261 مليار دولار، والمملكة المتحدة 30 مليار دولار، على الأسلحة والخدمات لجبهة الحرب التي تمّت خصخصتها بسرعة، ما أدّى لجعل الشركات الكبرى هي السيّد المطلق هنا.
دون هجمات 11/9 والاستثمار لعشرين عاماً في الحرب، كيف يمكن لأمثال شركة هاليبوت – التي شغل نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني منصب رئيس مجلس إدراتها – أنْ تحقق ما وصلت إليه من أرباح هائلة بهذه السرعة. وينطبق الأمر ذاته على شركات مثل «بلاك ووتر» التي لديها باب دوّار بين المخابرات المركزية والحزبين الأمريكيين.
كما أنّ أولئك الذين سعوا للسيطرة على إنتاج الأفيون وأرباحه غير الشرعية، كانوا رابحين بدورهم من احتلال أفغانستان. إنتاج الأفيون الذي تمّ القضاء عليه قبل الاحتلال، عاد وازدهر بعد الغزو الأمريكي، لتحتل أفغانستان مرتبة مزوِّد العالم بثُلثَي الأفيون العالمي.
انتصارٌ أهمّ من الأرباح
الأرباح مهمّة، ولكنّ النخب الحاكمة الليبرالية لديها مصالح أخرى أكثر أهميّة: 2.3 مليون لاجئ أفغاني هربوا، حيث قصد 90% منهم باكستان أو إيران، الأمر الذي ساعد على زعزعة استقرار البلدين. وفي الساحة الداخلية، ساهم المهاجرون الأفغان في نظام المهاجرين الدولي المستخدم لتعزيز سياسة «فرّق تسد».
يتم تغذية اليمين بالإيديولوجيا التي تلوم اللاجئين والمهاجرين – الذين يفرّون من الحرب والفقر – على «إضعاف» الحضارة الغربية. وعلى العكس من ذلك، وممّا يثير السخرية، أنّ كلا «اليمين واليسار» الليبراليين يدعمان الغزو الليبرالي للجنوب العالمي أثناء تدميره للحضارات الأخرى.
يمكننا أن نشهد استمرار النمط ذاته فيما يخص تشينجيانغ اليوم، وهي شديدة التشابك مع أفغانستان. نرى الليبراليين وهم يدعون لاتخاذ إجراءات ضدّ «فظائع حقوق الإنسان» الملفَّقة في الصين، حيث يتفق طرفا الليبراليين بأنّه يجب هزيمة الصين بناء على عدد من الروايات التي تخدم بمؤداها أنّ صعود الصين عنى خسارتهم لحضارتهم.
بالنسبة للنخب الليبرالية المهيمنة، فقد خدمت العشرون عاماً في أفغانستان عدم الاستقرار على الحدود الصينية. نرى هنا التقاء قوى الدمار وجهاً لوجه مع قوى البناء والتنمية. وفّرت الفوضى في أفغانستان قاعدةً لتدريب المتطرفين الأوغور الذين عادوا إلى الصين بهدف إطلاق الفوضى، وبتمويل من الولايات المتحدة بهدف زعزعة استقرار الصين.
الحرب الباردة الجديدة مع الصين من شأنها أيضاً أن تمنح هؤلاء النخب ذريعة أخرى لجعل مصنِّعي الأسلحة يحقّقون المزيد من الأرباح الطائلة. لسوء الحظ، فترك أفغانستان مدمَّرة ومخرَّبة لم يكن إلّا نتاجاً لأرباح النخب، واليوم سيتم البحث عن طرق جديدة لزعزعة استقرار الجنوب العالمي كي لا يؤرِّق الاستقرارُ فيه الفوضى الليبرالية، فالتنمية ستؤدي إلى ديمقراطية تضع حدّاً لهروب البلدان اليائس ناحية جلّاديهم.
بتصرّف عن: "Don’t Let Them Fool You: Afghanistan Has Been a "Tremendous Success
معلومات إضافية
- المصدر:
- globalresearch