إحياء الصناعة الفنزويليّة كردّ على العقوبات
ليوناردو فلوريس ليوناردو فلوريس

إحياء الصناعة الفنزويليّة كردّ على العقوبات

«لا نقوم فقط بإصلاح الآلات، بل بإصلاح الوعي كذلك». هذا ما يقوله سيرجيو ريكينا من مجموعة «جيش العمّال المنتجين EPO» في فنزويلا. مجموعة EPO هي فريق مؤلّف من 2270 متطوّعاً لديهم خبرات فنيّة واسعة. ينتقلون من مصنع لآخر لإصلاح الآلات المعطَّلة. هدفهم استعادة الإنتاج الصناعي في فنزويلا، عبر تمكين العمّال من السيطرة على أماكن عملهم وأخذ الأمور بأيديهم... انخفضت القدرات الإنتاجيّة لفنزويلا بشكل حاد بسبب العقوبات الأمريكية. فنزويلا ممنوعة من الوصول إلى النظام المالي الدولي، ما أدّى لانخفاض الاستثمار فيها. حتّى استيراد قطع الغيار أو المعدات الصناعية يعدّ أقرب للمستحيل. نتيجة لذلك تواجه المصانع صعوبات في إجراء عمليات الصيانة والإصلاحات الدورية.

ترجمة : قاسيون

بدأت القصّة في 2016، عندما دُعي ريكينا وبعضُ رفاقه للمساعدة في مصنع معالجة أسماك وتعليب سردين كان تعطّل فرنه قد شلّه. سافر ريكينا وأصدقاؤه مسافة 500 كلم، وقضوا خمسة أيام يعملون وينامون داخل المصنع، لينجحوا في نهاية المطاف ليس في إصلاح الفرن وحسب، بل أيضاً في إعادة إحياء خمس آلات أخرى كانت معطّلة. في نهاية زيارتهم، تحوّلت إنتاجيّة المصنع من صفر إلى 260 طنّاً من لحم السمك.

يبدو هذا إنجازاً صغيراً، لكنّه في الحقيقة كبير سواء من الناحية الرمزية أو العملية. فمسحوق السمك يُستخدم كعلف للحيوانات في المنطقة، وعندما توقّف إنتاج المصنع أجُبرَ الناس على استبداله بمستخرَج فول الصويا المستورد الأغلى ثمناً والذي يدفعون مقابله بالدولار، الأمر شديد الصعوبة في ظلّ العقوبات المشددة التي قال عنها مقرر الأمم المتحدة «آثارها تتخطّى الاقتصاد وتدمّر سكان فنزويلا».

تنظمت مجموعة EPO بشكل رسمي بعد مسألة مصنع الأسماك. لكنّ جذورها تعود إلى الفترة ما بين 2008 و2014 عندما سيطر العمّال على ثلاث شركات في مقاطعة بوليفار النائية، حيث تتوضّع معظم القدرة الصناعية الفنزويليّة. أوقف مالكو المصانع حينها الإنتاج وتحضَّروا لبيع المصانع وتسريح العمّال، فقام العمّال بالرد واحتلوا المصانع وأعادوا الإنتاج فيها، ليتم بعد ذلك وعلى إثر معركة قضائية طويلة الاعتراف بهم قانونياً كشركات يديرها العمّال.

بدأ ريكينا ورفاقه بعد انتصارهم في السيطرة على معاملهم بمساعدة العمّال على طول البلاد. وكان عملهم مهماً لكونه يعوّض تأثير الحرب الهجينة للولايات المتحدة على فنزويلا، والتي ترى المجموعة بأنّها تهدف إلى زعزعة استقرار الدولة وتشتيت المجتمع.

إنّ دور مجموعة EPO في هذه الحرب الهجينة هو الإسهام في تنظيم الشعب الفنزويلي لإفشال محاولة زعزعة استقراراه، وتقوية البنية التحتية الإنتاجية للتعاونيات «الكوميونات». أعطت المجموعة الأولوية لثلاثة قطّاعات: إنتاج الغذاء، وتوزيع الغاز الطبيعي، وتكرير الهيدروكربون.

لهذا اليوم، أنجزت المجموعة 14 عملية ناجحة ممّا تسميه «المعركة الإنتاجية». تسعٌ من هذه العمليات تندرج ضمن أولويات المجموعة، ومن ضمنها: مجمّع بارغوانا، ثالث أكبر مصفاة لتكرير النفط في العالم. وشركة نوتريفيدا التي تنتج شراباً مدعماً بالمعادن والفيتامينات للأطفال، وهو الشراب المدعوم من الحكومة والذي يوزّع مجاناً على المدارس ليغذي 4.6 مليون طفل.

كما شاركت المجموعة بمساعدة تعاونيّة «El Maizal» التي تضمّ 3200 أسرة في إصلاح برادات ومجمدات اللحوم، والآليات الزراعية التي تملكها التعاونية.

صرّح ريكينا: «إن كانت الولايات المتحدة تريد تشظية صناعتنا، فعلينا تقويتها. إنْ كانوا يريدون إجبارنا على الاستيراد، فعلينا أن ننتج هنا، ونصنّع هنا، ونصمّم هنا، ونجمّع هنا».

ألهمتْ أعمال المجموعة عمّالاً آخرين. ففي معمل السمك الذي انطلقت منه المجموعة، قام العمّال في وقت لاحق بإصلاح آلة فرم وتعليب السردين... هكذا يردُّ الناس العاديون على العقوبات.

 

بتصرّف عن: How Venezuela is Rebuilding Its Industrial Base, One Volunteer at a Time

آخر تعديل على الأحد, 09 أيار 2021 13:08