كورونا يضرب فقراء العالَم بذروات غير مسبوقة (بيانات نيسان)

كورونا يضرب فقراء العالَم بذروات غير مسبوقة (بيانات نيسان)

أبلغت العديد من البلدان عن مزيد من الإصابات الجديدة بفيروس كورونا. وتشير البيانات العالمية إلى أن جائحة كوفيد-19 ما زالت بعيدة عن النهاية، بل وتتفاقم عبر موجات جديدة ميزتها الأساسية أنّها تصل في البلدان الفقيرة (وليس الغنية) إلى ذرى أعلى من كلّ الذروات السابقة، كما سنوضح في المخططات البيانية التي اخترناها من موقع الإحصاءات «عالمنا في بيانات» في بداية هذا التقرير (وبزيادة الإصابات تزداد الوفيات عموماً)، ثمّ نلخّص في نهايته الوضع العالمي الحالي للوباء اعتماداً على البيانات العالمية التي يجمعها التقرير الدّوري لشبكة «دويتشه فيلله» DW الألمانية، مع التركيز على تطورات شهر نيسان الحالي خصوصاً.

نبدأ من سورية

رغم عدد الاختبارات الهزيل جداً، لكن حتى وفق التسجيلات الرسمية فإننا حالياً ضمن الطور الصاعد من الموجة الرابعة، علماً بأنّه حتى الآن وللأسف فإنّ ذروة كلّ موجة في سورية تأتي أعلى من التي سبقتها (قارن الذروات الأولى والثانية والثالثة في الشكل – ملاحظة: جميع المخططات المشابهة أدناه تمثل تغير عدد الحالات اليومية الجديدة المسجلة مع الزمن).

المنحني الوبائي الهندي يقود موجةً آسيوية رابعة ومخيفة

يوضح الشكلان أدناه، تأثير الوضع الوبائي للهند كبلد كبير السكان، على كلّ من الوباء في القارة الآسيوية (الشكل الأول) وفي العالم أيضاً (الشكل الثاني). وتشهد الهند منذ أواسط شهر شباط تقريباً بداية الفرع الصاعد من موجتها المحلية الثانية والتي تبيّن خلال نيسان بأنها موجة هائلة وصاعدة بسرعة قياسية، حتى أنّ عدد الحالات اليومية تجاوز حتى الآن أعلى الذروات التي سجلتها الولايات المتحدة الأمريكية في ذروتها الثالثة.

جنوب إفريقيا ترسم منحني القارة السمراء

رغم أنّ عدد سكان جنوب إفريقيا حوالي نصف عدد سكان مصر، لكنّ الأولى هي المساهم الأوّل والرئيس بالمنحني الوبائي للقارة الإفريقية بأكملها. لكن هل يعني هذا بأنّ الوباء في مصر أفضل حالاً؟

من المعروف أنّ جنوب إفريقيا تتفوق عموماً على معظم الدول الإفريقية من ناحية عدد الاختبارات التي تجريها، وبالتالي على ما يبدو أنّ هذا هو السبب الرئيسي في أنّها أصبحت «المرآة الوبائية» لإفريقيا. لكن هذا يسلط الضوء على مشكلة مهمة: ماذا لو كانت باقي دول إفريقيا ولا سيما الكبرى مثل مصر، تجري الاختبارات بالكفاءة نفسها أو أكثر؟ ربما كان سينكشف عندئذٍ جزء أكبر من الحجم الحقيقي للوباء في إفريقيا.

أمريكا الجنوبية في ذروتها الثالثة والأعلى:

نلاحظ في الشكل أدناه، أنّ الجائحة في القارة الأمريكية الجنوبية (باللون الأحمر) مكوّنة بمعظمها من الجائحة في البرازيل (باللون الأخضر).

أوروبا تجاوزت ذروة رابعة لكن أخفض من الثالثة والثانية:

الشكل التالي يؤكد تناقص حجم كل موجة وبائية في أوروبا عن التي سبقتها (المنحني العلوي) منذ خمسة أشهر وحتى الآن، كأحد الأدلة المهمّة على أنّ الوباء مؤخراً يرخي بثقلة الأساسي على الدول الفقيرة وليس الغنية (قارن مع المنحني الهندي والعالَمي الذي أوردناه سابقاً أعلاه).

الولايات المتحدة تجاوزت ذروة رابعة لكن أخفض بكثير من الثالثة:

لنلاحظ في الشكل أيضاً كيف تجاوزت الهند منذ أيام حتى أعلى ذروة حالات يومية سجّلتها الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً في ذروتها الثالثة (والأرقام الحقيقة في الهند أسوأ حتماً، إذ لا يجب أن ننسى أنها أضعف من أمريكا بكثير بعدد الاختبارات).

انعدام عدالة كارثي في اللقاحات:

من المفارقات المريرة في الشكل أدناه، هو أنّ بلدين ناميين وبكتلة سكانية ضخمة (الهند والبرازيل) بالكاد لقّحا حوالي 10% من السكان، وذلك رغم مساهمتهما في تطوّر وإنتاج اللقاحات (سواءً بالتجارب السريرية للقاحات الشركات على السكان فيهما، أو في وجود مصانع لقاح – مثل معهد الأمصال الهندي).

انعدام العدالة في الاختبارات:

يوضح الشكل أدناه أنّ معظم بلدان العالم الفقيرة، سواءً في إفريقيا أو أمريكا الجنوبية أو آسيا، حجم اختبارات الفيروس فيها إمّا هزيل، أو لا توجد بيانات عنها!

ما هو اتجاه الوباء العالمي الحالي؟

تعتمد شبكة DW الألمانية في أحد تقاريرها الذي تحدّثه دورياً طريقة مفيدة لإعطاء صورة عامة عن الاتجاه الذي يسير فيه العالم مع هذا الوباء: والطريقة هي مراقبة تصنيف لبلدان العالَم، يتغيّر أسبوعياً، حسبما يتغير معدّل الحالات الجديدة التي تسجلها كلّ أسبوعين مقارنة مع الأسبوعين اللذين سبقاهما، وهكذا فعندما يحقق بلد ما «صفر حالات جديدة لمدة أربعة أسابيع متتالية» يتم تصنيفه بأنّ الوضع الوبائي فيه مسيطرٌ عليه جيداً، ويسوء التصنيف كلما تسارع معدل تسجيل الحالات الجديدة...

خلال الأسابيع الأربعة الماضية (بين 2 إلى 23 نيسان 2021) لم تستطع سوى 5 بلدان فقط أنْ تحقق شرط السيطرة هذا، من أصل 188 دولة ومنطقة في العالم! وهذه البلدان هي: طاجيكستان، والفاتيكان، ودويلة أمريكية تسمى «سانت كيتس ونيفيس»، وجزر مارشال، و«ساموا» (الصين طبعاً سيطرتها جيدة أيضاً منذ فترة طويلة ولو سجلت بعض الحالات بين وقت وآخر...).

بانوراما الاتجاهات الحالية للجائحة في بلدان العالم

استنادًا إلى أرقام الحالات المبلغ عنها حديثًا - والتي يمكن أن تعكس حالات تفشٍّ محلية بالإضافة إلى انتشار المرض على مستوى البلاد - في الأيام الـ 28 الماضية، صُنّفت البلدان والأقاليم على النحو التالي:

 

بلدان سجّلت زيادة بالحالات الجديدة أكثر بمرتين:

آسيا: بوتان وكمبوديا والهند ونيبال وتايلاند وتيمور الشرقية.

إفريقيا: جمهورية إفريقيا الوسطى، غينيا الاستوائية، إيسواتيني، مدغشقر، السودان، زيمبابوي.

الأمريكيّتان: كوستاريكا، غرينادا، غواتيمالا، سورينام، ترينيداد وتوباغو.

 

بلدان سجّلت زيادة بالحالات الجديدة (لكن أقل من ضُعْف تسجيلها السابق):

آسيا: أفغانستان، البحرين، قبرص، جورجيا، إندونيسيا، إيران، العراق، اليابان، كازاخستان، كوريا الجنوبية، الكويت، قيرغيزستان، لاوس، ماليزيا، منغوليا، عمان، باكستان، الفلبين، قطر، المملكة العربية السعودية، سنغافورة، سريلانكا، تركيا، أوزبكستان، فيتنام.

أفريقيا: الجزائر، أنغولا، بوتسوانا، بوركينا فاسو، بوروندي، الرأس الأخضر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، مصر، الغابون، ليبيريا، مالي، المغرب، ناميبيا، سيشيل، سيراليون، جنوب إفريقيا، تونس، أوغندا.

الأمريكيّتان: الأرجنتين، جزر البهاما، بليز، بوليفيا، كندا، كولومبيا، كوبا، دومينيكا، جمهورية الدومينيكان، إكوادور، السلفادور، غيانا، هايتي، هندوراس، نيكاراغوا، باراغواي، سانت لوسيا، أوروغواي.

أوروبا: كرواتيا، الدنمارك، ألمانيا، أيسلندا، لاتفيا، ليختنشتاين، ليتوانيا، هولندا، البرتغال، إسبانيا، السويد، سويسرا.

أوقيانوسيا: أستراليا، فيجي، فانواتو.

 

بلدان استقرت زيادة حالاتها الجديدة حول المعدل نفسه تقريباً (دون تغيير أو +/- 2%):

آسيا: أذربيجان، سورية (يجدر بالتذكير بأنّ هذا قد لا يعكس الوضع الحقيقي في الدول هزيلة الاختبارات مثل سورية – كما أوضحنا في بداية التقرير).

أفريقيا: إريتريا، غامبيا، غينيا بيساو.

الأمريكيّتان: بيرو، شيلي، المكسيك، الولايات المتحدة الأمريكية.

أوروبا: روسيا البيضاء، روسيا.

أوقيانوسيا: جزر سليمان.

 

بلدان سجلت تناقصاً بالحالات الجديدة (لكن ما زالت أكثر من نصف معدلها السابق):

آسيا: أرمينيا، بنغلاديش، بروناي دار السلام، ميانمار، الصين، الكيان الصهيوني، لبنان، جزر المالديف، تايوان، الإمارات العربية المتحدة، فلسطين المحتلة، اليمن.

أفريقيا: تشاد، جزر القمر، الكونغو، إثيوبيا، غانا، غينيا، كينيا، ليسوتو، ليبيا، ملاوي، موريتانيا، موزمبيق، النيجر، نيجيريا، رواندا، السنغال، الصومال، جنوب السودان، زامبيا.

الأمريكيتان: باربادوس، البرازيل، جامايكا، بنما، سانت فنسنت وجزر غرينادين، فنزويلا.

أوروبا: ألبانيا، أندورا، النمسا، بلجيكا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، جمهورية التشيك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، اليونان، المجر، أيرلندا، إيطاليا، كوسوفو، لوكسمبورغ، مالطا، مولدوفا، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، النرويج، بولندا، رومانيا، صربيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، أوكرانيا، المملكة المتحدة.

أوقيانوسيا: بابوا غينيا الجديدة.

 

بلدان سجلت تناقصاً بالحالات الجديدة إلى أقل من نصف معدّلها السابق:

آسيا: الأردن.

أفريقيا: بنين، الكاميرون، ساحل العاج، جيبوتي، موريشيوس، ساو تومي وبرينسيبي، توغو.

الأمريكيتان: أنتيغوا وبربودا.

أوروبا: موناكو، سان مارينو.

أوقيانوسيا: نيوزيلندا.

 

بلدان سجّلت صِفر حالات جديدة:

آسيا: طاجيكستان.

الأمريكيّتان: سانت كيتس ونيفيس.

أوروبا: الفاتيكان.

أوقيانوسيا: جزر مارشال، ساموا.

 

الخلاصة

ما يزال الميل العالمي هو توسّع مساحات انعدام السيطرة على الوباء، ومن الواضح أنّ الأسباب الرئيسة تعود إلى انعدام العدالة في توزيع (وحتى في إنتاج) مستلزمات مكافحة الوباء عالمياً (اعتباراً من الاختبارات مروراً بالعلاجات ووصولاً للقاحات). وما «يزيد الطين بلّة» هو النكسات التي تتعرض لها اللقاحات (الغربية بشكل خاص) من ناحية الأمان والثقة، والتنافس التجاري والاحتكاري فيما بينها على حساب مجهود توسيع مكافحة الوباء. وحتى مبادرة «كوفاكس» ما زالت بطيئة بشكلٍ مخيّبٍ للآمال حتى الآن.

نلاحظ في الشكل أدناه أنّ مساحة السيطرة الوبائية الأفضل (باللون الأزرق) مستمرة بالتضيّق (كإجمالي عالمي) مع الزمن، وبالمقابل هناك غلبة لمساحات ضَعف السيطرة (الدرجات الغامقة من اللون الأحمر).

 

آخر تعديل على الإثنين, 26 نيسان/أبريل 2021 13:39