مالنا صار علينا صدقة
هذا ما قاله أحد أصحاب المنازل في حي التضامن، بناءً على ما فرضته عليهم محافظة دمشق من اشتراطات وقيود، كي يتمكن كل منهم من استعادة حقه في ملكيته التي يصونها الدستور والقانون، والذي يضمن لهؤلاء افتراضاً حرية التصرف بهذه الملكية.
فبعد طول صبر وانتظار، وبعد معاناة التشرد والنزوح، وبعد خسارة هؤلاء كل محتويات منازلهم من عفش منزلي وكهربائيات، وكل ما يمكن فكفكته ونقله وبيعه، نهباً وتعفيشاً، سمحت المحافظة بعودة من حصل على "الموافقة" من هؤلاء على شكل "دفعات يومية".
الأمر لم يقف عند حدود الحصول على "الموافقة" فقط، بل تم فرض مزيد من القيود والشروط الإضافية، التي اعتبرها البعض مجحفة وغير قانونية.
العودة المشروطة
الأهالي فوجئوا بالشروط التي فرضت من أجل العودة لبيوتهم، بدلاً من تقديم المساعدة لتسهيلها، والأدهى هو إلزامهم بتوقيع تعهدات لقاء التصرف بما هو ملكهم أيضاً!.
وفيما يلي بعض الشرط، بحسب ما رشح عبر وسائل الإعلام:
- التوقيع من قبل أصحاب المنازل على تعهد يتضمن إقرار صاحب العلاقة باستلام عقاره مع كتابة العنوان والتاريخ.
- التوقيع على تعهده باستخراج ترخيص ترميم للعقار عن طريق بلدية الميدان قبل القيام بأي عملية ترميم.
- قيام صاحب العقار بإزالة الأنقاض وترحيلها خلال مدة 60 يوم من تاريخ استلامه العقار.
- الحصول على براءة ذمة من مؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف والمالية ومحافظة دمشق.
- التعهد بقيام صاحب العقار بالإقامة به أو التصرف به بشكل قانوني سواء بيع العقار أو تأجيره.
- عدم تحمل أي جهة حكومية مسؤولية تبعات السلامة الإنشائية للعقار.
تعجيز وإجحاف
الأهالي قالوا أنه لم يسبق أن تم فرض مثل هذه القيود والاشتراطات من أجل العودة لأي بلدة أو حي، فلماذا هذا الاستثناء المجحف بحقهم؟!.
وتساءلوا أيضاً: هل المحافظة هي المالكة للبيوت كي يوقع لها على استلامها، وهل ذلك يعتبر قانوني؟.
وبعيداً عن مشروعية وقانونية الشروط أعلاه، فإن بعضها يعتبر تعجيزي ومن المستحيل تنفيذه بحسب البعض، مثل إزالة الأنقاض وترحيلها خلال مدة ٦٠ يوم من تاريخ الاستلام.
فالحصول على رخصة الترميم وبراءات الذمة الكثيرة المطلوبة، قبل البدء بالأعمال، تتطلب ربما هذا الهامش الزمني، ناهيك عن تكاليفها، علماً أن عمليات الترحيل من المفترض أنها من مسؤولية البلدية، خاصة أن ذلك مرتبط بأمكنة تفريغ الترحيلات المُقيدة أصلاً.
أحاديث وتساؤلات
قال أحدهم: المحافظة والجهات الحكومية الأخرى لم تقم بمهامها على مستوى استكمال عمليات إعادة تأهيل الخدمات العامة في الحي، وخاصة البنية التحتية (كهرباء- ماء- صرف صحي..)، فكيف سنقوم بعمليات الترميم، أو نعود لنستقر، بظل انعدام مثل هذه الخدمات؟!.
وتهكم أحدهم متسائلاً: ألا يكفي التهرب من التعويضات، كحق لقاء خسارة الممتلكات، ولقاء عمليات الترميم المكلفة، ليضاف إليه التهرب من المسؤوليات العامة عن السلامة الإنشائية، عبر تعهد شخصي بهذا الشأن؟!.
وقال آخر متعجباً: كأن المحافظة لا تريد عودتنا إلى حينا وبيوتنا لنستقر بها مجدداً، فالشروط الموضوعة تطفيشية، وغير مشجعة للعودة؟!.
وختم أحدهم بالقول: على يد المحافظة "مالنا صار علينا صدقة"!.