إرهاب «الحرب على الإرهاب» يهجّر 37 مليون إنسان على الأقل
نشرت جامعة براون الأمريكية الشهيرة في 8 أيلول 2020 دراسة بعنوان «تكاليف الحرب» تبيّن فيها أنّ الحروب الأمريكية بعد أحداث 9/11 مسؤولة بشكل مباشر عن تهجير ما لا يقل عن تهجير 37 مليون لاجئ من أفغانستان والعراق وباكستان والصومال والفلبين وليبيا وسوريا. و37 مليون – كما ورد في الدراسة – هو رقم متحفظ جداً، حيث أنّ الحروب الأمريكية مسؤولة عن تهجير ما قد يصل إلى 48 و59 مليون إنسان. ومعظم هؤلاء اللاجئين هربوا إلى البلدان المجاورة وليس إلى أوروبا أو الدول الثريّة. وهذا الرقم لا يشمل المهجرين بسبب العمليات غير المباشرة لآلة الحرب الأمريكية، ولا النازحين داخل دولهم الذين لا ينطبق عليهم لفظ «اللاجئين» القانوني.
ترجمة عروة درويش
وقد نُشرت هذه الدراسة في عدد كبير من وسائل الإعلام الشهيرة، منها النيويورك تايمز، لتثير زوبعة من الآراء المؤيدة والمضادة. وبعيداً عن الأسباب السياسية أو الانتخابية لقيام وسائل الإعلام هذه بنشر هذه الدراسة، وليس تجاهلها كما جرت العادة مع ما يشبهها، فقد كتبت الصحفيّة الباحثة كيتلين جونسون مقالاً طويلاً حللت فيه محتوى الدراسة والردود عليها. وملخص ما جاء في المقال:
يصادف رقم «37 مليون على الأقل» أن يكون مماثلاً لعدد الأمريكيين الذين يعانون من سوء التغذية تبعاً لقيام حكومتهم بإنفاق ثروتهم ومواردهم على القتل وتهجير الناس في الخارج.
اعتراضات المحافظين الجدد على الدراسة ليست أكثر من محاولة لإنكار الحقائق المثبتة: القوات الإرهابية المتطرفة التي تلقت الدعم من الولايات المتحدة وحلفائها وفاضت بها سورية، هي نتاج مباشر لزعزعة الاستقرار الإقليمي الذي أوصلنا إليه التدخل الغربي باسم مكافحة الإرهاب.
هل تسنّت الفرصة للأمريكيين كي يسألوا أنفسهم عن مدى عمق المعاناة التي تسببت بها حكوماتهم للبشر القاطنين في بقاع بعيدة؟ هل تسنّى لهم أن يسألوا أنفسهم عن الإرهابيين الحقيقيين في هذه المعادلة؟
«الحرب على الإرهاب» مجرّد إرهاب ذو ميزانية مرتفعة، ونطاق واسع، وسبب للمزيد من الإرهاب العادي أيضاً. كمثال: لقد ثبت بشكل غير قابل للجدال بأنّ التفجيرات الانتحارية هي نتيجة مباشرة للتدخل الغربي. لم يكن لهذه العمليات وجود في العراق وأفغانستان قبل الغزو الأمريكي لهما. «الحرب على الإرهاب» تصنع في الحقيقة الإرهاب الذي تُعلن بأنّها تريد القضاء عليه.
بات من المسلّم به دون جدال بأنّ «الحرب على الإرهاب» لم تقم ببساطة بالقضاء على الإرهاب، بل بزيادته وإذكاء ناره. لماذا تستمر إذاً؟ لماذا هذا المشروع المكلف الواسع النطاق للتدخل والاحتلال ليس مستمراً وحسب، بل يتصاعد أيضاً رغم كلّ ما يخلفه من مآسٍ وتهجير وتصعيد إرهاب؟
السبب الحقيقي أنّ هذه الحروب لم توجد أساساً لمحاربة الإرهاب، بل لإشعال المناطق ذات الأهمية الجيو-استراتيجية والثرية وتفتيتها بالحروب والإرهاب. «الحرب على الإرهاب» هي عملية الاحتيال الكبرى التي ابتكرتها الإمبريالية الأمريكية. إنّها حلقة مفرغة من ردود الفعل على العنف والعنف المضاد، وهي الحلقة التي تمكّن القوى الإمبريالية من إرسال المزيد و المزيد من القوات وإنشاء القواعد وآليات الحرب في المناطق التي يريدون خنق من لا يطيعهم فيها.
كلما زاد التدخل تدميراً، زاد عدد الأشخاص الحانقين الذين يصبحون طيعين للانضمام للإرهاب. وكلّما زاد عدد الأشخاص المنضمين للإرهاب، سمعنا المزيد من الإمبرياليين وهم يبررون التدخل أمام الجمهور الأمريكي، الجمهور الذي لا يتجاهلونه وحسب، بل يعملون ضد مصالحه أيضاً.
نحن محكومون من قبل وحوش.
بتصرّف عن: Tens Of Millions Of People Displaced By The ‘War On Terror’, The Greatest Scam Ever Invented